إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، في مؤتمر القمة الرابع لدول عدم الانحياز

          نحيي هؤلاء الزعماء الثلاثة وكل الزعماء الذين سلكوا الطريق معهم وبعدهم نحو أهداف وآمال شعوبهم وشعوب العالم أجمع.

          لقد أحيط طريق عدم الانحياز في أول الأمر بالشكوك، وحاول أعداؤه أن يصدوا عنه الشعوب. فلننظر أين كنا؟ وأين نحن الآن؟ .. كان رواد عدم الانحياز قلة قليلة. ونحن اليوم نمثل أغلبية سكان العالم دولاً وأفراداً، ونعتز بشعوب أفريقيا كلها، وبشعوب يتزايد عددها من قارات آسيا وأمريكا اللآتينية وأوروبا. ولقد كان اهتمامنا في أول الأمر مركزاً على تحقيق الحرية السياسية وصيانة سلام العالم الذي نعيش فيه من أخطار الصراع العالمي واهتماماتنا اليوم كما يمثلها جدول الأعمال المعروض علينا. تشمل إلى جانب قضايا الجهاد والاستقلال والتحرر السياسي، موضوعات تتعمق دراسة شؤون حياتنا الاقتصادية والثقافية.

          نحن اليوم نستهدف أن تكون حريتنا السياسية أساساً لتحررنا الاقتصادي والاجتماعي، وأن تكون سيطرتنا على مواردنا أساساً لبعثنا وتقدمنا الحضاري. لقد بدأ رواد عدم الانحياز في عالم تتقاسمه الكتل العسكرية الكبرى وتتخاطف شعوبه، صراعاً فيما بينها على مناطق السيطرة والنفوذ، واستئثاراً بالمتحالفين معها والتابعين لها لتواجه بهم الكتل الأخرى. وكانت صرخة عدم الانحياز إننا لا نريد أن تكون شعوبنا وقوداً للحرب، ولا بلادنا ساحات للمعارك، ولا نريد أن تكون أراضينا قواعد عسكرية. طالبنا بالسلام وسعينا له. وتأكد هذا السعي في أول مؤتمر لدول عدم الانحياز بانتداب بعض رؤساء منا للمطالبة بإيقاف تفاقم الصراع، عاملين في ظروف دولية بالغة الخطورة، والعمل على منع تفجر القنابل التي لا تميز بين ضحاياها ولا تختار أشلاءها من المتحاربين فقط. لأننا كنا نريد أن نكرس جهودنا ومواردنا للعمل والسعي للتقدم والتطور للشعوب جميعها، وليس للقلة المتحكمة في العالم والمسيطرة على موارده ومصادره. كنا نريد السلام إطاراً لحياة عادلة غايتها الخير للجميع، وإذا كان الحديث يدور الآن حول الوفاق بين الكتل الكبرى، وحول ابتعاد أخطار الحرب العالمية النووية، فواضح أن هذا الوفاق لا يتحقق إذن ضد إرادة الدول غير المنحازة أو على رغم منها، بل إنه يتحقق في الواقع تجاوباً مع إرادتها وسعيها.

          لقد طالبت الدول غير المنحازة ولازالت تطالب بالسلام العالمي، لأنه الإطار الذي يتحقق داخله العدل في كل صوره.

          وهي اليوم تدرك وتؤكد أن الوفاق الدولي لن يكون سلاماً حقيقياً ولن يكتب له الدوام حتى تتحقق للشعوب كلها العدالة السياسية والعدالة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية. لقد عرف العالم في فترات سابقة من تاريخه صوراً من الاتفاقات الدولية بين القوى الأعظم، لم يقدر لها البقاء لأنها قامت على أساس من تقاسم مناطق النفوذ ولم تقم على أساس من العدالة. قامت على أساس هضم حقوق الشعوب التي تم الاتفاق على حسابها، لم يطل عمر تلك الاتفاقات ولم يتحقق السلام العادل المنشود. إن العدل السياسي لا يمكن أن يسود

<2>