إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات في ذكرى وفاة الرئيس جمال عبد الناصر

          وكان رابع ما واجهناه بعد عبد الناصر قد خيل للبعض أن قرار الحرب والسلام لم يعد له مصدر يتحمل تبعاته أو مسئولياته. لكن التجربة أثبتت للجميع وثبت كل يوم أن القرار في أيدينا وهو ليس قرار فرد ولكنه قرار أمة، لأنه مصير أمة.

          ولقد رأينا في السياسة الدولية ومناوراتها ألاعيبها رأينا الكثير، لكن ما رأيناه لم يؤثر فينا، لأن الذين يعرفون ما يريدون يعرفون في نفس الوقت ما لا يريدون. ثم أن المعرفة بما نريد لا قيمة لها إلا بمقدار ما نحن على استعداد للنضال من أجله بكل وسيلة وعلى كل أرض.

          ثم كان خامس ما واجهناه بعد عبد الناصر، أن خيل للبعض منا أن يقيموا من أنفسهم قضاة يصدرون الأحكام على الأفكار والمبادئ والتجارب. يفعلون ذلك استناداً على الناصرية مرة، ويفعلونه ضد الناصرية مرة أخرى. وفي الحالتين كانوا على خطأ. ذلك أن هناك قاضياً وحيداً من حق الكل أن يعرضوا حججهم أمامه وأن يديروا حوارهم على مسمع منه ثم يكون له دون غيره حق الحكم. ذلك القاضي الوحيد هو الشعب.

          ولقد سمعنا النغمتين، نغمة التشكيك في الناصرية لضرب التجربة الثورية للشعب المصري والأمة العربية عند الأساس، ونغمة الادعاء للناصرية لتجميد التجربة الثورية للشعب المصري وللأمة العربية في حركتها المتطورة.

          لكن التيار الرئيسي للمسيرة الشعبية المصرية والعربية ظل على طريقه عاملاً مؤمناً وملتزماً كما يجب أن يكون الالتزام الثوري.

أيها الأخوة والأخوات
          إذا أردنا أن نكون أمناء مع أنفسنا ومع المرحلة التاريخية التي نخوضها، فلا بد أن نقول أن ذلك كله مما واجهناه أخذ منا ضريبته، خصوصاً وأن الظروف كانت تحيطنا بظروف عصيبة، لا أبالغ إذا قلت أنها من أشق ما مر بنا ومن أصعبها.

          كان هناك أولاً صدمة لم تكن في حسابنا سنة 67، وقد تركت أثرها من التمزق في قلوبنا وفي عقولنا.

          وكان هناك ثانياً تغيرات عالمية توافقت مع هذه الفترة وكان لا بد أن نحيط بأبعادها التي غيرت موازين القوى العالمية وبدلتها تبديلاً شديداً.

          كان هناك ولا يزال ضيق اقتصادي يخنقنا أسميناها حالة اللا سلم واللا حرب وقد كانت هذه الحالة مفروضة علينا بالصدمة وما تبعها من تفوق لإسرائيل بفضل المساعدات الأمريكية ثم بالمتغيرات العالمية. وقد كانت كل يوم تطالعنا بما يقتضي إعادة الحساب.

<4>