إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) البرنامج العام للدولة الذي قدمه الرئيس أنور السادات، إلى الاجتماع المشترك للجنة المركزية ومجلس الشعب، "ورقة أكتوبر" 18 أبريل 1974
المصدر: "خطب وأحاديث وبيانات، الرئيس محمد أنور السادات، والاتحاد الاشتراكي العربي، اللجنة المركزية، يوليه 1973 - يوليه 1974، ص 227 -253"

دولة منها تطورها فى خطط طويلة الأمد. وها نحن نرى دول العالم كلها تسرع الى اعادة دراسة مستقبلها على ضوء المتغيرات التى تتدافع كل يوم. من ندرة خطيرة في الخامات الأساسية للصناعات، الى خطر متزايد من انخفاض المواد الغذائية المتاحة، الى مظاهر التضخم التى تجتاح العالم، الى الحركة الجديدة لرؤوس الأموال من اماكنها التقليدية الى أماكن اخرى.. وكلها أمور تدفع العالم الى اعادة النظر فى كثير من الأفكار والتوقعات المسبقة.

          ولا يمكن ان نعيش في هذا العالم ونحن نفكر من سنة الى أخرى. بل لابد كما قلت من تصور جرئ لاستراتيجية حضارية شاملة، ولابد لهذا كله من التخطيط العلمى السليم.

          ولأن تحركنا المقبل سيكون اكثر اتساعا فى شتى مجالات التقدم والبناء، ولأننا نريد كما قلت سابقا أن نستخدم كل المحركات والروافد المالية والاقتصادية الممكنة، فان هذا يجعلنا أكثر حاجة الى الأخذ بمبدأ التخطيط فى جياتنا. والانفتاح الاقتصادى يزيد من أهمية التخطيط، لأن خير وسيلة، لاجتذاب المستثمر هى ان نعرض عليه مشروعات مدروسة، مرتبطة بعضها بالبعض. لأن نجاح أى مشروع على حدة يتوقف الى حد كبير على تقدم الاقتصاد فى مجموعة واطراد التنمية. وكذلك لأن وفود رأس المال الى البلاد دون تخطيط لاستقباله، يمكن أن يخل بتوازن الاقتصاد القومى، ويحدث آثارا جانبية لا يستهان بها مثل التضخم، أو ظهور الاختناقات هنا وهناك.

          على أن هذا كله يحتاج إلى تغيير وتطوير في فلسفة التخطيط وفي أجهزته ومسئولياته، يجعلها أكثر دقة، وأكثر مرونة، وأوسع مخيلة.

          فهناك التخطيط للقطاع العام، الذى هو رأس الحربة فى معركة التقدم والبناء لتحديد أهدافه واعادة رسم أولوياته. وهناك التخطيط الذى يخدم القطاع الخاص، وهذا يكون عادة بوسائل أخرى تقوم على ايجاد الحوافز وتوفير الظروف التى تكفل اتجاهه بارادته الى المجالات التى تكون التنمية العامة أكثر حاجة اليها. وهناك كما قلت التخطيط الذى يخدم الاستثمارات الوافدة، باعداد الدراسات المسبقة، وبتوفير حاجياته في اطار الاقتصاد القومى في مجمله.

          ان التخطيط ضرورى لخدمة كل قطاعات الاقتصاد. انه يخدمها باعداد الدراسات وبتحليل البيانات وتوفير المعلومات. وبوضع خطط  توفير المهارات الفنية المطلوبة، وبالتنبؤ بظروف الاستثمارات المختلفة وآثارها بوجه عام.

          والمجالس القومية المتخصة، التي تم تكوينها، سوف يكون عليها دور كبير في هذا المجال. ولذلك يجب أن تكون هناك علاقة وثيقة بين سلطات التخطيط العليا فى البلاد.

          ولست في حاجة الى أن أؤكد بأن التخطيط لا يعنى القيود والتعقيدات الادارية. فمبدوؤنا هو مركزية التخطيط ولا مركزية التنفيذ، ومتى تحددت الخطة العامة، انطلق الجميع يتحركون في اطارها فى حرية ومرونة.

<23>