إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات في عيد العمال ، 1 مايو  1974
المصدر :" قال الرئيس السادات ، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية ، ص 124-131"

نظرة دولية جديدة لقوة العرب

         وإذ ا كان يسعدنا أن نسجل أن كل دولة عربية تقريبا قد ساهمت فى هذا النصر بنصيب، فإن هذه النظرة الجديدة من العالم إلينا تشمل اليوم كل دولة عربية فى مجال علاقاتها الدولية، ولم يكن هذا ممكنا بغير القتال الذى قاتلناه والتضحيات التى تحملناها.

نتكلم ونحن فى مركز القوة

         كان القول السياسى المأثور يقول: "هات القوة وتكلم. هات القوة وتفاوض" وهذا ما فعلناه بالضبط. وبهذا ما جعل الموقف العربى كله مختلف. كنا نتكلم وكنا نتفاوض بغير قوة أو بغير استعداد لاستخدام القوة، ولكننا اليوم نتكلم ونتفاوض بعد أن اثبتنا استعدادنا لاستخدام القوة ودفع ثمنها وبعد ان أظهرنا للغرب مصادر قوة متعددة. عسكرية واقتصادية ومعنوية.

         أيها الأخوة والأخوات:

         إذا كان من حقنا أن نعتز ونفخر بما انجزناه، فإن من واجبنا أن نسأل أنفسنا بعد كل مرحلة أين نقف الآن؟

المعركة لم تنته بعد

         والرد ببساطة هو أن أهم عنصر من عناصر الموقف والعنصر الذى لا يجب أن ننساه أبدا حتى ونحن نتحدث عن التعمير والبناء والانفتاح. هذا العنصر الذى لا يجب ان ننساه أبدا هو أن المعركة لم تنته بعد . لعل هذه المناسبة أشرح فيها أبعاد الموقف الراهن متوجها بحديثى إلى كل من كان حسن النية فى هذا الأمة مهما كان رأيه، وليس إلى الذين فى قلوبهم مرض. وإذا كان هناك من يتخذ مواقف يظن أنها تجلب له شعبية، فإن مسئوليتنا هنا فى مصر مختلفة. مسئوليتنا أن نعمل العمل المفيد للمصالح الحقيقية لهذه الأمة، وأن نصارحها بالأبعاد الحقيقية لكل موقف دون أن نلقى بالا إلى اى تشويش صادر عن عدم فهم أو عدم تقدير للمسئولية. لقد كان لنا هنا فى مصر موقفا ثابتاً من هذه القضية منذ سنة 1967 اقمناه على تقديرات دقيقة للظروف الدولية، والظروف العربية، والعلاقة الضرورية بين العمل العسكرى والعمل السياسى، والأهداف التى يمكن انجازها فى هذه المرحلة.. منذ سنة 1967 لنا هذا الموقف الثابت الذى لم يتغير.

الايمان المطلق بالمبدأ

         وأذكر هنا الذين ينتحلون اليوم صفة الحديث باسم عبدالناصر بعد أن كان هدفا لطعناتهم بالأمس.. أذكر هؤلاء بعدة أمور توضح هذا الموقف الثابت الذى اتحدث عنه.

         فى مارس سنة 69 قال عبدالناصر: مع إيماننا المطلق بمبدأ أعلناه ولم نشعر بالملل من تكراره وهو ان ما أخذ بالقوة لا يسترد بغير القوة إلا أن أحدا لا يستطيع أن يطالبنا بأكثر مما التزمنا به حتى قبلنا قرار مجلس الأمن الصادر فى 22 نوفمبر 1967.

         كان عبد الناصر بهذا يحدد الهدف الممكن على ضوء كل الظروف الموضوعية وفى عيد العمال فى سنة 70 بالذات وجه عبدالناصر نداء أخيرا إلى الرئيس الامريكى نيكسون لكى تعيد أمريكا النظر فى موقفها، الأمر الذى ترتب عليه تقدم أمريكا بما سمى بمبادرة روجرز. والتى قبلها عبدالناصر بعد ذلك. لقد كان فى هذا يعبر عن حقيقة أساسية أخرى من حقائق الموقف وهى أن الموقف فى الشرق الأوسط لن يتحرك بدون مساهمة فعالة من القوتين الكبريين معا: روسيا وأمريكا..

التضامن العربى أهم أسلحة المعركة

         الأمر الثالث الذى أذكر به أن عبد الناصر قد مات شهيدا فى محاولة من أشق وأقسى المحاولات محاولة الابقاء على خيط من التفاهم بين أكثر الأطراف العربية تباعدا واحساسا بالمرارة، أعنى بين المقاومة الفلسطينية والملك حسين وكان هذا بدوره تعبيرا عن إدراك أن التضامن العربى وتحقيق أكبر قدر مستطاع بشريا من هذا التضامن هو سلاح من أهم أسلحة المعركة. ولست فى حاجة إلى أن أقول أن هذا كله كان مقرونا بإدراكنا لأهمية القتال، ومن هنا كان عملنا الدائب لاعادة بناء القوات المسلحة ودخول حرب الاستنزاف التى تحملتها الجبهة المصرية والعمق المصرى سنتين كاملتين.

الارتفاع بوحدة الصف العربى

         ومنذ توليت المسئولية كان جهدى هو بالتحديد العمل على الارتفاع بوحدة الصف العربى إلى درجة تسمح بتنسيق حقيقى ساعة المعركة، والعمل على تحقيق التوازن والاستقلال فى علاقاتنا بالدولتين الكبيرتين بحكم تأثيرهما على الموقف وفى نفس الوقت وقبل كل شىء الاقتناع بأن هذا كله لن يحرك الموقف ما لم نحركه نحن ولن نحركه إلا بالقتال وبعد استنفاد الدور الذى الله حرب الاستنزاف فى مرحلة معينة كان لابد من الاعداد لمعركة هجومية نوجه فيها للعدو ضربة حقيقية كفيلة بأن تقلب الصورة وتغير من مواقف كل الأطراف. ولقد نجحنا فى هذا التخطيط بحمد الله.

ملحمة قتالية رائعة

         نجحنا نجاحا حقق لنا فى هذه المرحلة كل ما كنا نريده منها. نجحنا فى تحقيق تضامن عربى حقيقى تجلت مظاهره فى مشاركة الدول العربية لنا بالكثير من العون ساعة المعركة، ثم باستخدامها سلاح البترول لأول مرة ،وفى تحقيق ذلك التنسيق بين القوات

<3>