إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات في عيد العمال ، 1 مايو  1974
المصدر :" قال الرئيس السادات ، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية ، ص 124-131"

السورية والقوات المصرية فى ملحمة قتالية رائعة. نجحنا فى إلحاق أول هزيمة باسرائيل فى ساحة القتال وتدمير نظرياتها التى أقنعت بها العالم عن متطلبات الأمن الاسرائيلى. نجحنا فى تحريك القضية سياسيا لأول مرة بغير الكلام، وكان أكثر مظهر هو تغيير موقف الولايات المتحدة ذاتها من التجاهل المطلق للموقف العربى، وللاستهتار المطلق بالتهديدات العربية، إلى الاحساس بخطورة الموقف والسعى للمشاركة الجادة فى محاولة الحل.

موقف امريكا بالضبط

         أقف هنا قليلا عندما أسميه بتغيير الموقف الأمريكى. مما لا يعجب بعض المتعصبين الجامدين. ما الذى غير موقف أمريكا بالضبط ؟ هل غيرته خطابات سياسية أو مذكرات قانونية أو مقالات الذين يتنافسون على التطرف أوحتى قرارات الأمم المتحدة التى كانت تقف أمريكا فيها معزولة مع إسرائيل عن الأغلبية الساحقة لدول العالم؟ أبدا.. لقد عرقلت أمريكا كل قرار للأمم المتحدة، وعرقلت مباحثات الدول الأربع. روسيا وأمريكا وانجلترا وفرنسا. وعطلت مهمة يارنج. وسحبت مشروع روجرز الذى تقدمت به . لا شىء من هذا كله غير من موقف أمريكا، إنما الذى غير من موقف أمريكا أمران:

         الأمر الأول: هو المعركة ذاتها والنجاح الذى لم تكن تتوقعه أبدا لقواتنا.. فبعد أن قالت لها إسرائيل أنها ستقضى على قواتنا فى 48 ساعة عادت إسرائيل بعد أربعة أيام من القتال تستغيث وتطلب من أمريكا النجدة.

         الأمر الثانى: هو تحول التضامن العربى إلى حقيقة واقعة سواء فى زمالة السلاح أو فى استخدام سلاح البترول.

         لقد اكتشفت أمريكا ببساطة أن أسس انحيازها المطلق لاسرائيل واستهتارها الكامل بالعرب لم تعد صالحة للصمود.. اكتشفت أمريكا أن إسرائيل قابلة للهزيمة على أيدى العرب، بل رأتها تنهزم فعلا وتستغيث، ولا تواصل المعركة إلا بأضخم جسر جوى كان ينقل إليها السلاح والفنيين إلى الخطوط الخلفية لنا مباشرة.

انتصاراتنا غيرت موقف أمريكا

         اكتشفت أمريكا أن " البترول " تلك السلعة الاستراتيجية الأولى يمكن أن يكون سلاحا يستخدمه العرب بعد أن كانت تعتمد على خوفهم أوعلى أنقساماتهم وكانت تعتقد أن إسرائيل بالتالى تحرس لها هذا البترول، اكتشفت أن إسرائيل بالتالى لن تستطيع أن تحرس لها هذا البترول أو أن تضمن لها وجودها فى المنطقة ولم تعد إسرائيل عصا غليظة فى يد أمريكا ترهب بها العرب. هذا كله هو الذى غير موقف أمريكا ولم يكن ممكنا إلا أن تغير أمريكا من موقفها.. ببساطة أى أننا نحن الذين غيرنا بهذا كله موقف أمريكا وبالتالى فهذا هو أحد انتصاراتنا التى حققها العرب والتى يجب أن تكون مصدر الهام لهم. وليس مصدر تشكيك وتنديد كما تحاول قلة أن تصور الأمور والواقع أننى لا أعرف كيف اصف هؤلاء الذين يتحدثون ويكتبون من منطلق واحد هو التشكيك فى قدرة هذه الأمة والتقليل من انتصاراتها. حرب أكتوبر بكل ما غيرته من أوضاع ومفاهيم يشككون فيها. .سلاح البترول فى أول استخدام له لا يعجبهم.. تغيير موقف إحدى الدولتين العظيمتين بمجهودنا العربى يرونه خطوة إلى الوراء.

حركتنا مرسومة ودائمة وتمضى إلى الأمام

         إن كان هذا سوء فهم فهو مأساة. وإن كان سوء نية فالمأساة أعظم.. إن من يتجاهل أن أمريكا تضمن أمن اسرائيل، وأن روسيا أيضا تضمن أمن اسرائيل. وأن المجتمع الدولى كله حين لا يذهب إلى أبعد من قرار مجلس الأمن يضمن أيضا أمن اسرائيل.. إن من يتجاهل هذا إنما يدفن رأسه فى الرمال.. ونحن من موقع المسئولية التاريخية تجاه قضايا هذه الأمة لسنا مستعدين أن نريح أنفسنا بدفن رءوسنا فى الرمال ونحن لا نمضى فى خطوات نضالنا على غير هدى، ولا نكتفى أن تكون خطواتنا مجرد رد فعل. ولكننا ندرس عناصر كل موقف، ونتحرك حركة مرسومة ولكنها دائمة وبعون الله إلى الأمام.

         ان عداءنا لأمريكا لم يكن أبدا مسألة مبدأ. ولكن مسألة سياسات متعارضة ومتصادمة.

نسالم من يسالمنا ونعادى من يعادينا

         دعونى أذكركم بشعارنا منذ بدء الثورة: " نسالم من يسالمنا ونعادى من يعادينا" كما تغير موقف أمريكا بالمعنى الذى شرحته ليس معناه أننا نعطيه مكانا على حساب مبدأ أو على حساب أحد. إننا لا نريد أن نفرط فى صداقة الاتحاد السوفيتى. ولا أن ننقص من رصيده لدينا، ونحن قد نختلف، ولكننا نختلف من وجهة نظرنا لا لحساب أحد. وقد سبق ونحن فى قمة الصراع ضد أمريكا حول حلف بغداد وذيوله أن اختلفنا فى نفس الوقت اختلافا علنيا شديداً مع الاتحاد السوفيتى فى سنة 1959.

المراهقون السياسيون

         لقد كان أحد أسس ثورتنا من يومها الأول عدم الانحياز ورفض الدخول فى مناطق النفوذ واستقلال إرادتنا الوطنية. وقد خضنا فى سبيل هذا أعتى المعارك. ورفضنا العدول عن هذا المبدأ حتى ونحن منهزمين أو معزولين. وليس يعقل أن نقبل ونحن أقوياء منتصرون ما رفضناه ونحن منهزمون. ولكنهم "المراهقون السياسيون" ، والذين بقدر ما لهم من أصوات عالية فإن قلوبهم ضعيفة لا زالت خائفة من تصديق عناصر القوة العربية الجديدة. هؤلاء وهؤلاء هم الذين لا يرون المتغيرات العربية والدولية ولا يرون أن من حق أمتهم أن تمارس فى ثقة بالنفس ما تمارسه اليوم سائر الأمم.

         كيسنجر فى موسكو وبكيى "كويسى" لكن فى القاهرة ودمشق والجزائر"خيانة ط وساطة كيسنجر فى حرب فيتنام ومباحثاته مع

<4>