إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، فى الذكرى الثانية والعشرين لثورة 23 يوليه، 23
يوليه 1974
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص
226 - 231".

ثانيا- أن علينا أن نرقب انعكاسات الخلاف أو الوفاق الدولى على قضيتنا بدقة بالغة فالعلاقات بين الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية ومجموعة دول غرب أوروبا علاقات معقدة وتمر بمراحل حساسة ورغم أن هذه الأطراف لها قضاياها الخاصة بها من نزع سلاح وأمن أوربى وعلاقات تجارية واقتصادية الا أن المرحلة الراهنة حتى فى هذا المجال حافلة بالمتغيرات وهى وأن بدت بعيدة عنا الا أن لها انعكاساتها على المنطقة العربية كلها لاهميتها الاستراتيجية والاقتصادية وبالتالى على قضية الحرب والسلام فى منطقتنا بالذات وأقرب مثال على ذلك هو الأحداث الأخيرة المؤسفة فى قبرص ذات الموقع الحساس بالنسبة لامتنا ومنطقتنا ومن هنا يجب أن نكون منتبهين دائما الى هذه العلاقات وحريصين على أن نبعد انعكاساتها عن قضيتنا وأن نحرص على أن نكون يدا ثابتة فى توجيه دفة أمورنا خلال هذا الموج المتقلب .

          وهناك أيضا سياسة الانفتاح التى قد يتصورها البعض اندفاعا غير محسوب سعيا وراء أكثر عدد من مصادر التموين من أجل مهمات التعمير والتنمية فى حين نراها نحن سياسة تحتاج الى حسابات دقيقة لا تخل بالتوازن الداخلى لتقدمنا ولا تخل بالتوازن الخارجى لاستقلالنا وسيطرتنا على مقدراتنا .

          وها أنتم ترون ونحن نستعد لمرحلة التعمير الكبرى ترون أننا نستقبل القروض والاستثمارات من ايران ومن دول الغرب ومن الدول العربية ومن دول عدم الانحياز فى نفس الوقت الذى نعمل فيه على احياء الاتفاقات القديمة مع دول المعسكر الشرقى التى كانت ظروف النكسة تعطل الاستفادة منه.

          وهناك أيضا محاولات اسرائيل التى لم تنقطع لاجهاض آثار حرب أكتوبر سواء بالتعطيل والتسويف أو بالمغامرات العسكرية ضد لبنان التى لا يمكن أن تترك الى غير ما حد أو باستخدام قوى الضغط الصهيونى داخل أمريكا التى ما زالت تمارس تأثيرها فى مجالات كثيرة.

          ثم أن أمامنا قضية توحيد الصف العربى الى اقصى درجة ممكنة وخصوصا التنسيق بين الأطراف العربية المرشحة لحضور مباحثات جنيف فى مراحلها التى ستكون مضنية وان نناضل فى سبيل كسب حق الفلسطينيين فى الحضور كشعب له قضية وله الحق فى تقرير مصيره وان نزن كذلك احتمالات حضور لبنان أيضا فى المؤتمر حين تجد دول المواجهة ويجد لبنان مصلحة عربية عليا فى هذا الحضور.

          إن من أهم الأسلحة اللازمة لنا لمواجهة المرحلة السياسية المقبلة التى ندرك مخاطرها ومحاذيرها أكثر مما يدركها غيرنا من هواة الكلام أن يكون الصف العربى موحدا قدر الطاقة وراء جبهة الحل ووراء احتمال القتال.

          ولا شك أن أعقد مشكلة على هذا الطريق هى مشكلة العلاقة بين الأردن وبين الفلسطينيين وممثلتهم الشرعية منظمة التحرير. ونحن نعرف أن هذه المشكلة حساسة وشائكة واليمة لنا جميعا فى نفس الوقت ولكننا هنا فى مصر احساسا بمسئولية دورنا قد تعودنا أن نأخذ على عاتقنا دائما أن نتصدى لاعقد المشاكل اذا كان لا بد من مواجهتها بل وأقول أننا تعودنا ان نتلقى بصدورنا أول السهام. خصوصا الذين يفضلون لانفسهم أن يكونوا متفرجين أو الذين يريدون أن يقطفوا الثمار دون أن تلمس أصابعهم النار تلك مسئوليتنا ونحن نتحمل تبعاتها ولهذا فأننا فى الوقت الذى أكدنا فيه التزامنا المطلق بتأييد حق الشعب الفلسطينى فى التعبير عن ارادته من خلال منظمته الشرعية الوحيدة بل وأكدنا فيه هذا الالتزام عمليا بتجميع أكبر قدر من التأييد الدولى لهذه الحقيقة أكدنا أيضا بصراحة أن من خطوط سياستنا التى تمليها المصلحة العربية العليا العمل على التنسيق بين دول وقوى المواجهة بما فيها الأردن لأنها بغير هذا التنسيق فأننا نخسر معركة المرحلة المقبلة قبل أن تبدأ ولانه لا بديل لهذا التنسيق سوى حرب أهلية عربية يهدأ بها بال اسرائيل وتستريح من عناء المواجهة.

          وقد قطعنا فى المباحثات الاخيرة مع جلالة الملك حسين مرحلة نعتقد مخلصين اذ أنها أساسية وهامة لقد أسقطت حكومة الأردن كل تحفظاتها التى تمسكت بها فى كل المؤتمرات العربية والدولية على صفة منظمة التحرير الفلسطينية كممثل شرعى للشعب الفلسطينى وقبلت حكومة الأردن منطقنا فى أن الضفة الغربية كانت وديعة لديها كما كانت غزة وديعة لدى مصر حتى يقرر شعبها ما يشاء وأعترفت للمنظمة بحق الحضور المستقل فى مؤتمر جنيف حيث يستطيع الفلسطينيون هناك أن يطرحوا قضيتهم من الزاوية التى يرونها وصار الطريق مفتوحا لكى تلتقى الأطراف الأربعة على خط المواجهة على قدم المساواة لبحث المجالات المتاحة فى التنسيق بينها وأحب أن أعلق على هذه المسائل بكلمات قليلة تضع بعض الأمور فى النصاب أننا لا ننوب عن الفلسطينيين ولا عن غيرهم فى تقرير شئونهم كما يحاول بعض نوى النوايا السيئة أن يصوروا الأمور فهم فى النهاية أى الفلسطينيون هم أصحاب الرأى فيما يقبلون ويرفضون وهم فى هذا يواجهون مسئوليتهم التاريخية كاملة ونحن أيضا لا نطلب الوصول الى مواقف متطابقة وبالتالى لا نتصور البدء من مواقف متطابقة وأننا نبذل جهدنا من أجل التقريب بين المواقف المتباعدة وأن نوجد أرضية يمكن للأطراف أن يتحدثوا منها كما شاء لهم من الحديث ونؤمن كما قلنا ان كل مبدأ فى هذا المجال يجب أن يبذل وانه لا بديل للتنسيق سوى التناقض وافلات إسرائيل من مواجهة جنيف المقبلة وتمكينها من اللعب على التناقضات العربية ونحن فى هذا نعتقد أن المصالح القومية، والمصلحة الفلسطينية العليا بالذات يجب أن تكون أعلى وأهم حتى من أقصى الذكريات والذين يظنون أن هذا الطريق أمام قضيتنا سهل مفتوح واهمون أنه طريق نشقه بأظافرنا ونناضل من أجله نضالا سياسيا عنيفا مصحوبا بكل الضغوط الممكنة ان اسرائيل ترفض حتى الآن رفضا قاطعا حضور الفلسطينيين وهى تستخدم فى هذا السبيل كل ما لديها من أساليب وامكانيات لانها تعرف بمجرد حضورهم اعتراف بهم بصفتها أحد أطراف جنيف. وليس هناك ما يساعدها على هذا أكثر من انعدام موقف عربى منسق أنها معركة قاسية قد لا يبدو لكم منها على السطح الا بعض جوانبها معركة علينا أن نخوضها وليست غنيمة سهلة معروضة علينا ثم أنه قبل كل شئ وبعد كل شئ لا يجوز مطلقا أن نغفل أو يغفل غيرنا عن الحقيقة الأساسية وهى أن

<5>