إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربى ومجلس
الشعب، في ذكرى الزعيم جمال عبد الناصر 28 / 9 / 1974
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص
276 - 282".

تواجهنا تحديات كثيرة حين نحتك ونتعامل مع عناصر اخرى جديدة وسوف يكون علينا أن نغير ونطور فى اجهزتنا ومؤسساتناولوائحنا وقوانيننا بما يكفل نجاح سياسة الانفتاح وتدعيم عوامل الثقة فى استقرارنا من جهة وما يكفل فى نفس الوقت بقاء سيطرتنا على مواردنا القومية وصيانة حقوق قوى الشعب العاملة ومكاسبها الاشتراكية. كل هذه ظروف تلقى على تحالف قوى الشعب العاملة مسئوليات جديدة خطيرة ولكنها في نفس الوقت ظروف تملى علينا أن نطور صيغة هذا التحالف بما يخلصه من سلبياته وبما يجعله اكثر ديمقراطية، وبالتالى يجعله اكثر قوة وفعالية فى حياة البلاد من غير طريق التسلط أو الفرض.

         ولا يجب أن يغيب عن بالنا لحظة أننا قبل اكتوبر سنة 73 كنا نواجه معركة واحدة هى معركة التحرير نوجه لها كل طاقاتنا وأموالنا وامكانياتنا. واليوم وبعد أكتوبر صرنا نواجه معركتين فى نفس الوقت. معركة التحرير ومعركة التعمير.

معركة التحرير ومعركة التعمير

         معركة التحرير لأن ارضنا لم تتطهر كلها من دنس الاحتلال بعد وكل من يظن أننا يمكن أن نتخفف من عبء واحد من أعباء الاعداد للتحرير ولأى مواجهة تفرضها علينا الظروف فهو واهم. إننا لا نستطيع ان نفرط فى النصر بالإهمال أو الاغضاء أو عدم الاستعداد ولا نستطيع أن نحرم قواتنا المسلحة التى قد يفرض عليها القتال فى أى وقت من أحدث الأسلحة مهما كلفتنا من ثمن.إن تحقيق التحرير حتى نهايته هو الشرط الأول والأخير لأن نقطف ثمار النصر وأن نعيش وأن نطور حياتنا بعد ذلك فى سلام.

         بالاضافة الى ذلك فهناك معركة التعمير، فالفرص التى اتاحتها لنا حرب أكتوبر كان لا بد أن يكون للتعمير نصيبه الأوفى منها وهذا ما اخذنا به فعلا لتعويض ما فات وترميم ما طال اهماله أو تأجيله لحساب المعركة ولدفع كل طاقات الانتاج المتاحة الى الأمام وأنتم تعرفون أيها الاخوة والأخوات أن لهذا كله أولويات. فمن شرد من مدينته أو قريته بعد أن قدمها قربانا للنصر أولى ممن لديه سكن لا يرضيه، والعمل على زيادة الانتاج لتحقيق الرخاء أكثر فاعلية فى خفض الأسعار عن طريق زيادة السلع من صرف الأموال. وكمية السلع المتوفرة لا تزيد. وكل ساعة عمل ضائعة هى خسارة قومية وتأجيل لهذا الرخاء وكلكم تعرفون كارثة التضخم التى تحيط بالعالم الخارجى وما أدت اليه فى البلاد الرأسمالية من زيادة هائلة فى الأسعار والبطالة معا ولكننا هنا بفضل نظامنا الاشتراكى، نجد الدولة من جهة تدفع مئات الملايين لحفظ مستوى اسعار الضروريات ولتحقيق سياسة العمالة الكاملة مهما كان ثمنها كبيرا من جهات اخرى. وان كان من المستحيل أن نحول تماما دون وصول أثر التضخم العالمى الينا، فكل ما نستورده تضاعف ثمنه مرات من الآلة الى حبة القمح. كل هذه الظروف تلقى على تحالف قوى الشعب مسئوليات افدح، من كل ما واجهنا من قبل وتجعل مسئولية هذا التحالف فى حشد طاقات الانتاج اجتياز عنق الزجاجة الذى نمر به محتفظين بوحدتنا الوطنية تجعل كل ذلك اعلى من اى مسئولية وأسمى من أى اعتبار آخر من أجل هذا ولأن الظروف فى تغيير مستمر ولأن الثورة قد أفرزت خريطة اجتماعية جديدة بالفعل، ولأن تطلعات الجماهير بعد هذه الانجازات ثم بعد انتصار أكتوبر بالذات قد زادت ومن حقها المشروع أن تزيد وأن تطالب بحريات أوسع لهذا كله كان همى هو إقامة دولة المؤسسات على اساس سيادة القانون وقدمت للنقاش ورقة لتطوير الاتحاد الاشتراكى ودفعه على طريق الديمقراطية خطوات أخرى جديدة.

جو الحرية فى مناقشات ورقة التطوير

         وقد تابعت كل ما دار من حوار واسع ومفتوح حول هذه الورقة وقد انصبت بعض هذه المناقشات على الورقة ذاتها بينما تجاوزتها مناقشات اخرى كثيرة وأحب أن أؤكد هنا اننى لم أضق صدرا بهذه المناقشات. ولن أضيق بها ابدا مهما شابتها الشوائب فتلك طبيعة الأمور. واذا كنا نتجه حقا الى المزيد من الحرية، فعلينا أن نتعود على هذا وعلى كل المستويات من رئيس الجمهورية الذى لم يجد حرجا فيما وجه الى ورقته من انتقادات الى الوزراء وكافة المسئولين الذين يجب أن يتعودوا جو الحرية ويستخدموا حقهم فى الرد وينسوا حق الحماية والانغلاق الذى ربما كانوا قد تعودوا عليه اطول مما يجب وأكثر مما يجب. كذلك فقد فزع الكثيرون من عواقب هذا النقاش الحر وتناوله لأسس نظام الحكم فى بلادنا وبعض المراقبين الأجانب ظنوا أن الدنيا قد انقلبت. أما أنا فلم اجد اى مخاطر فى اجتياز هذا كله. ذلك اننى مرة اخرى ورجوعا الى منطلقات ثورة 23 يوليو الأساسية كانت قناعتى دائما هى أن الشعب هو صاحب المصلحة الأولى وان فطرته السليمة هى الترمومتر الصحيح دائما إننى لا أخاف على شعبنا ابدا من النقاش والحوار والبلبلة. إننى أعتقد أنه بتجاربه العريقة وبكل ما عبر به عن تبنيه لمفاهيم الثورة الأساسية سوف يصمد لتجربة الحرية التى طالما طالب بها وناضل من أجلها. على أن هذا لا يحرمنى من أن أبدى ملاحظة على هذا الحوار ليس فيها مصادرة على أى رأى فلقد كنت أشعر أحيانا أن ورقة التطوير ذاتها لم تكن محور النقاش إن ما تدخله الورقة على صيغة التحالف ليس بالأمر القليل ولا هو بالخطوة القصيرة. فهناك مثلا جعل العضوية اختيارية وعدم الربط بينها وبين عضوية مجالس ادارة المنظمات والنقابات والهيئات الأمر الذى يرد لها حرية واسعة كمنظمات جماهيرية كفء، وهناك حق المواطن فى أن يرشح نفسه لينال شرف النيابة عن الشعب دون المرور بالاتحاد الاشتراكى وفى هذا قضاء على كل امكانية لأن يسئ الاتحاد الاشتراكى استخدام حقه فى حجز فرصة عضوية الهيئة التشريعية عن أى مواطن له رصيده بين أبناء دائرته.

لن يكبت رأى.. ولن يقهر فكر

         ثم ان هناك قضية تعدد المنابر والاتجاهات داخل دائرة التحالف، وبالتالى حق كل الآراء فى التعبير عن نفسها بوضوح وهى قضية كنت أتصور مثلا أن يبحث الحوار حول أساليب وضعها موضع التطبيق مضيفا بذلك الى ما جاء فى الورقة، على أننى بعد هذه الملاحظة أؤكد أننى عازم على اجتياز طريق الديمقراطية على ضوء ظروفنا حتى نهايته، عازم على أن تتسع سبل الحرية أمام

<4>