إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



(تابع ) خطاب الرئيس أنور السادات، في افتتاح الدورة الجديدة لمجلس الشعب، 23 أكتوبر 1974
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الرابع لعام 1974، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ص 312 - 315"

ذاتها ودلالتها على أننا مستعدون لبذل الدم دفاعا عن الارض العربية كلها والكرامة العربية كلها وليس مجرد الكلام.. وفى ايدينا فك للاشتباك بين القوات على الجبهات التى حاربت يعكس الاعتراف بحقائق النصر العربى ويعكس الاعتراف بزوال نظرية الامن الاسرائيلى التى كانت ترى حدود أمنها ممتدة من قناة السويس جنوبا الى القنيطرة شمالا وفى أيدينا أننا لم ننقطع عن تدعيم قواتنا المسلحة ورفع كفاءتها القتالية والاستعداد المتواصل لمواجهة كافة الاحتمالات.

          وفى أيدينا درجة عالية من التضامن العربى وفى أيدينا علاقات إيجابية وحوار ايجابى مع الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الأمريكية على السواء وعلاقات جيدة مع معظم الدول أعضاء المجتمع العالمى مؤكدين بذلك ارادتنا المستقلة الحرة.. وحرصنا على علاقات دولية متوازنة تلائم مصالحنا وتعكس حقيقة استقلال هذه الارادة الوطنية وفى أيدينا ذلك التقدم الضخم الذى احرزته القضية الفلسطينية خلال تلك السنة وتلك المرحلة التى بدأت بحرب أكتوبر.

اعتراف العالم بشرعية الحق الفلسطينى

          لقد حصلنا على اعترافات دولية عديدة بأن منظمة التحرير الفلسطينية هى الممثل الشرعى لشعب فلسطين واستقر هذا الاعتراف بوجود الشعب الفلسطينى وبممثليه الشرعيين وبحقوقه الوطنية فى ضمير الرأى العام العالمى كما لم يحدث من قبل.. والتقى وزير خارجية فرنسا برئيس المنظمة فكان بذلك اول رسمى من دول الغرب الكبرى يتصرف بوحى من هذا الاعتراف الواقعى ونجح في الامم المتحدة ولاول مرة مشروع قرار بدعوة المنظمة الى الحديث فى المنظمة الدولية باسم الشعب الفلسطينى وكان ذلك بأغلبية ساحقة عكست ذلك الاقتناع العام بشرعية الحق الفلسطينى بعد ان عاش هذا الحق أكثر من ربع قرن واقفا على باب المنظمة الدولية وغير مسموح له ابداء رأيه أو تسجيل صوته، على أنه ربما كان من طبيعة الأمور أننا كلما اقتربنا من تحقيق اهدافنا وكلما اقتربنا من ساعة البت والحسم قد نجد أصواتا ترتفع بالشذوذ وحركات الانقسام وتبادل الاتهامات.

لن نفرط فى شبر من الارض العربية

          وفيما يتعلق بنا فاننا نعرف طريقنا بوضوح كامل ولن نحيد عنه نحن كما أعلنا مرارا لن نقبل التفريط في شبر من الأرض العربية كلها سواء كانت في سيناء أو الجولان أو الضفة الغربية والقدس.

          كما أننا لن نقبل المساومة على حقوق شعب فلسطين ولا أى شئ يحول دون حقه في تقرير مصيره وتحقيق آماله الوطنية وفيما بين هذين الشرطين أو الالتزامين الاساسيين فاننا نرى ان من حقنا أن نحتفظ لانفسنا بحرية الحركة ونتمنى أن يكون هذا هو ما يأخذ به الآخرون طالما كانت حركتنا متجهة الى الامام وصولا الى تحقيق هذين الهدفين السابقين اللذين لا يقبلان جدلا ولا مساومة.

          أولئك المبشرون بالجمود الخائفون من مواجهة المسئولية التاريخية أو الذين يذكرون خوفهم بالتشنج والصراخ فليس لهم مكان فى حساباتنا ولن يكون لهم مكان فى حساب التاريخ لقد عاش البعض سنين على كلمات الاستسلام والحلول النصفوية حتى رأوا بأعينهم القتال ولمسوا بأيديهم نتائجه التى لا ينكرها الا مكابر وهم اليوم يعيشون على كلمات الحلول المنفردة والحلول الجزئية يخلطون بذلك بين التحركات إلى الامام فى ساحة عملنا السياسى والدولى والعسكرى وبين كلمة الحل التى لن يأتى أوانها الا في نهاية المطاف حين تسترد كل الحقوق المسلوبة بغير استثناء وساعتها لن يكون الحل جزئيا ولن يكون منفردا.. انهم يخلطون عن غفلة. أو عن عمد بين خطوات نقطعها هنا أو هناك وبين ما يسمى بالحل يريدون بذلك التشويش علينا وهو فى حقيقة الأمر تشويش على القضية كلها لن نسمح به ولن نرضى بالانقياد له.. أننا من ناحية لن ننزل عن مستوى مسئولياتنا القومية في بعدها الشامل النهائى ولكننا لن ننقص من حركة تدفع قضيتنا القومية الى الامام هذا هو المنطق الذى تحركنا به وثبتت صحته وهو ما ننوى المضى فيه وسلاحنا دائما معنا لن نلقيه حتى نسترد الحقوق كافة.

          ولست اريد ان اتحدث في هذا الموضوع طويلا الآن فنحن كما قلت مقبلون على قمة عربية بعد ايام.. ادعو الله ان تكون قمة فى المسئولية وليس فى المستوى فحسب ونحن نريد أن نوفر لهذا اللقاء كل اسباب النجاح فلا داعى للخوض في التفاصيل منذ الآن.. سنذهب الى القمة حاملين سلاحنا وتضحياتنا وانجازاتنا حاملين جهدنا الدائب لوحدة الصف العربى وتحقيق هدف قومية المواجهة بعد قومية المعركة حاملين صراحتنا الكاملة.. ازاء موقف لا يحتمل المناورات أو الانشغال بالقضايا الجزئية وحاملين قلبا مفتوحا للجميع مؤمنا بالحق العربى فى شموله.. وواثقا من المستقبل العربى وقدرته على تجاوز الصغائر والخلافات.. هكذا نستقبل اللقاء التاريخى الحاسم ونرجو أن يستقبله غيرنا كما نستقبله بالشجاعة والمصارحة والوحدة والصدق..

           وليجزى الله الصادقين بصدقهم...صدق الله العظيم. والله يوفقكم.

          والسلام عليكم ورحمة الله..


<4>