إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الشعب حول التطورات الأخيرة على صعيد أزمة الشرق الأوسط 29/ 3/ 1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 74 - 78"

          خامسا: أن هذه العناصر نفسها تعتقد أنها إذا كسبت بضعة شهور، فان الظروف سوف تواتيها أكثر.. سوف تواتيها أكثر فى  الولايات المتحدة التى سوف تنشغل بعد شهور فى معركة جديدة لانتخابات الرئاسة يحل موعدها فى نوفمبر سنة 1976، يبدأ  الاستعداد لها قبل ذلك بعام كامل.

          سادسا: أنه إذا تحقق لها ذلك، فان هذه العناصر تعتقد أنها بهذه الوسيلة تكون قد أجلت أى دور أمريكى محتمل إلى حين  انتخابات رئيس أمريكى جديد تساعد إسرائيل على انتخابه - اذ استطاعت - لتضمن تأييده، خصوصا وأنها تتصور أن ضغط  البترول العربى قد يخف خلال عامين أو ثلاثة بفعل ما يتخذ الآن من سياسات وإجراءات للتغلب على أزمة الطاقة.. ولقد  تسألوننى حضراتكم - أيها الأخوة والأخوات: ثم ماذا؟ وما العمل؟  

          وأقول لكم بأمانة وبصراحة: خذوها منى لهذا الجيل ولكل جيل من أجيال شعبنا وأمتنا يجىء من بعدنا ويتصدى للمسئولية،  أقول فى أى موقف يجب أن نسأل أنفسنا قبل أى شئ سؤالا واحدا مجددا: أين أرادتنا؟  

          اذا كنا نملك ارادتنا فنحن نملك كل شئ.. واذا كنا لا نملك ارادتنا فنحن لا نملك أى شئ.. النصر يبدأ بالارادة وينتهى بها،  والهزيمة لا سمح الله تبدأ بالارادة وتنتهى بها.. ولقد كان جهدى وعملى دائما لهدف مبدئى يسبق غيره من الأهداف، بل هو الباب  لهذه الأهداف جميعا.. وهو أن نكون المالكين لارادتنا، وأن يكون القرار الصادر عن إرادتنا وطنيا وقوميا وإنسانيا.. لربما كان  أهم ما حققناه فى حرب أكتوبر المجيدة هو أننا أثبتنا أننا نملك القرار، وأننا نملك الارادة، وفوق ذلك فان إرادتنا تملك لنفسها  قدرة تكفل لها الاحترام.. ونعود إلى السؤال الذى يدور - وبحق - في أذهاننا: ثم ماذا؟ وما العمل؟

          ومن هنا فلعلى أستأذن حضراتكم فى أن افكر معكم بصوت عال، لكى تشتركوا معى.. ولكى يشارك الشعب، وتشارك الأمة:

          أولا: ليس من رأيى أننا أمام موقف يدعونا إلى الغضب، وإنما يغضب هؤلاء الذين لا يجدون غير الغضب وسيلة التنفيس عن  مشاعرهم، ولسنا من هؤلاء.. قلت لكم أننا نملك إرادتنا، وقد أثبتنا أن لهذه الارادة قدرة، وأن هذه القدرة استوجبت وسوف تستوجب احترام العالم.. وأرادتنا فى أيدينا، وقرارنا منها.

          ثانيا: أننا عندما قبلنا بتجربة أسلوب خطوة بخطوة.. قلنا إن هذا الطريق ليس بديلا عن مؤتمر جنيف، وأنما قد يكون مجرد  مقدمة له، ولقد وجهنا الدعوة فعلا لعقد مؤتمر جنيف.. وهناك فاننا سوف نطلب من الكل أن يكونوا شهودا، وأن يكونوا شركاء   في مسئولية الحل.. وسوف يكون مطلبنا هناك بكل وضوح: الانسحاب إلى خطوط ما قبل الخامس من يونيو سنة 1967، وكفالة  الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى.. ولعلى أضيف هنا أن مؤتمر جنيف لن يكون وحده الاطار الوحيد لعملنا من أجل تحقيق  هذه المطالب.. أقول ذلك ليسمعه الجميع.

          ثالثا: أن الأمة العربية على المستوى الرسمى والشعبى مطالبة - فى اعتقادنا - بتقدير كامل لموقفها تواصل منه نضالها.. وفي  ذلك الصدد فهناك مطلب: تنسيق كامل بين الأطراف الثلاثة على خط المواجهة: مصر وسورية ومنظمة التحرير الفلسطينية.. ثم  مؤتمر على مستوى القمة العربية يضع استراتيجية كاملة لمواجهة المرحلة المقبلة.  

          ولست أخفى عليكم أننى فكرت فى لحظة من اللحظات في توجيه الدعوة الى مؤتمر عربى على مستوى القمة يعقد فى القاهرة.. ثم  وجدت أننا فى الرباط قد اتفقنا على لقاء عربى على مستوى القمة فى شهر يونيو القادم، وآثرت بدلا من توجيه دعوة لمؤتمر طارئ أن ننتظر الموعد الذى اتفقنا عليه فعلا في الرباط.. وفى حسابى أن مصر تتقدم إلى هذا المؤتمر بخطة عمل أرجو أن تلتقى عندها  الآراء.  

          رابعا: لقد أعطيت، وسوف أعطى، أقصى الجهد لوضع العلاقات بيننا وبين الاتحاد السوفيتى في مكانها الصحيح.. وكان  رأيى، ومازال، أن هذه العلاقة مبدئية وليست مجرد انتهاز فرص أو صداقة ظروف، وأرجو أن يكون هذا الجهد متبادلا.  

          خامسا: إننى حريص كل الحرص على أن يظل للقضية العربية رصيدها الدولى الذى حصلت عليه فى كل مكان، سواء فى العالم  الثالث أو فى أوروبا الغربية أو فى الولايات المتحدة.. ولست أنصح أبدا - مهما كانت المبررات - بالتراجع عن مواقع اكتسبناها بعد  عناء طويل، حتى نتركها سهلة لاسرائيل.

          سادسا: أن البعض قد يتوقع منى بالانفعال أن أنهى اتفاق عمل قوات الطوارىء فى سيناء، ولكنى أوثر الفعل على الانفعال.. ومن هنا فاننى سوف أسمح بتجديد عمل قوات الطوارىء لمدة ثلاثة شهور فقط بدلا من سنة.. من ناحية لأنى لا أريد أن أضع  المجتمع الدولى أمام أزمة مفاجئة، ومن ناحية أخرى أريد أن يعرف العالم كله أن هناك حدودا للوقت.. كما أن هناك حدودا  للصبر.

          سابعا: أن البعض يتوقع منى أيضا - وبالانفعال - أن أبقى قناة السويس مغلقة، ولكنى سوف أفعل العكس تماما.. فان  قرارى هو فتح قناة السويس للملاحة البحرية فى الموعد الذى كنت قد حددته لفتحها، وهو 5 يونيو القادم بانن الله.. سوف أفتح  قناة السويس لخير شعبنا ولخير العالم، ذلك اننى لا أريد لشعوب العالم التى تهتم بالقناة معبرا لتجارتها أن تتصور أن شعب  مصر يريد عقابها لذنب لم تقترفه.. انهم جميعا أيدونا، ونحن نريد قناتنا كما يريدونها.. طريقا للازدهار..

          سوف نفتح قناة السويس.. ونحن قادرون على حمايتها، نفس قدرتنا على حماية مدن القناة التى قمنا ونقوم بتعميرها.. فلقد  مضى ذلك العهد الذى كانت فيه المسافات حائلا دون العدوان، فالأمن الأن يرتكز على مقدرة الردع، ونحن نملك من قوة الردع  ما يجعل عدونا يفكر مرتين وثلاثا قبل أن يرتكب أية حماقة.. ولكى لا يكون لأحد عذر، فانى أعلن أمام حضراتكم من هنا أن أى  مساس لموقع واحد من مدن القناة، وأى تعرض لنقطة واحدة على قناة السويس نفسها، سوف يواجه بردع كاف حيث يكون الردع  أكثر إيلاما وأشد وجعا.

<4>