إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام مجلس الشعب حول التطورات الأخيرة على صعيد أزمة الشرق الأوسط 29 / 3 / 1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 74 - 78"

          إن شعبنا كما تعرفونه، وكما يعرفه العالم، يتصرف دائما بهدوء أعصاب، ويدير معاركه بخبرة حضارية ضاربة فى أعماق التاريخ.. ثم هو شعب ملك إرادته ولن يتخلى عنها.. ولقد أثبت دائما. وسوف يثبت دائما، أنه يستطيع تعزيز إرادته بما يكفل لها الاحترام.

          أيها الأخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب:

          لقد كنت أقول دائما: إن الذين يأخذون مكانهم الصحيح يستطيعون دائما مواجهة المتغيرات مهما حملت لهم مما يحسبه غيرهم من المفاجآت.. واذا عرفنا أين نحن دائما، وحرصنا على أن نكون فى موقفنا الصحيح.. أذن فنحن الأجدر بالنصر، ونحن الأقدر عليه باذن الله.

          نحن نعرف مكاننا ضمن قوى الثورة الوطنية المعادية للاستعمار، ونحن نعرف مكاننا ضمن الأمة العربية التى اتحد تاريخها وتوحد مصيرها، ونحن نعرف مكاننا فى طلائع التقدم الاجتماعى لصالح أوسع للجماهير التى تريد مجتمعا تتكافأ فيه الفرص بين الأفراد، وتذوب فيه الفوارق بين الطبقات، ونحن نعرف مكاننا حملة لمشاعل الحضارة ودعاة لسلام قائم على العدل.. نحن نعرف مكاننا، ثم اننا نعرف أيضا عصرنا.. أن المكان ليس وحده. ولكنه المكان فى الزمان.. أعنى اننا نعرف ونعيش عصرنا الحافل بالمتغيرات، واذا عرفنا مكاننا وحده ولم نعرف عصرنا فاننا نقع فى خطأ كبير.. ان الزمان لا يغير مبادئ الانسان ولا يغير مبادئ أى شعب أو أمة.. ولكن معرفة العصر تمنح لهؤلاء جميعا أفضل الوسائل لافضل الغايات.

          إن مبادئنا - كما قلت - لم تتغير .. ولكننا على سبيل المثال لا نستطيع ان نمارس صراعنا فى عصر يسوده الوفاق الدولى بنفس الأساليب التى كنا نستعملها فى عصر الحرب الباردة.. كان لعصر الحرب الباردة مناخ، وقد استجبنا لهذا المناخ فى وقته وظرفه .. ولعصر الوفاق مناخ، ولا بد أن نستجيب لهذا المناخ الجديد بما يناسب وقته وظروفه.. والا وقعنا في اسار الجمود وسط عالم يتحرك، تكون مبادئنا سليمة ولكننا نعجز عن خدمته.

          أيها الأخوة والأخوات أعضاء مجلس الشعب:

          لقد كنت أتمنى لو استطردت فى هذا الحديث، فقادني سياقه المنطقى الى كثير من شئوننا الداخلية وفيها كثير أريد أن أحدث اليكم والى الشعب فيه .. لكننى أعد أن أفعل ذلك فى فرصة قريبة أطرح فيها تصوراتي لمرحلة من العمل الوطنى تنتظرنا .. أن أمامنا آمالا عظمى ننتظر تحقيقها.. أن أمامنا تحديات كبرى تطرح نفسها علينا، و أمامنا في المجال الخارجى والمجال الداخلى مهام تقتضى عزم الرجال وتناديهم لتحقيقها، ولم يتقاعس هذا الشعب أبدا في تاريخه عن أمل، ولا هرب من تحد، ولا غابت منه عزائم الرجال تصنع تاريخا وتقتحم مسقبلا.

          وفقكم الله.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


<5>