إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

     



خطاب الرئيس أنور السادات، فى عيد العمال، 1 / 5 / 1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 114 - 121"

بسم الله

أيها الأخوة والأخوات:

         لقد اخترت أن يكون احتفالنا بعيد العمال هذا العام هنا، فى هذا البلد الذى يتوسط صعيد مصر العربية، يتوسط المعالم الكبرى لأول حضارة انسانية فى التاريخ أعطاها شعبنا للمنطقة ثم قدمها مصدرا ومرتكزا لحضارات أخرى حملت مشاعل النور وتقدمت بها إلى عصرنا الحديث، لقد قصدت ذلك لمعان ورموز..

لماذا اخترت صعيد مصر للاحتفال بعيد العمال

         لقد كان صعيد مصر العربية هو القاعدة الصلبة للنضال المصرى منذ أقدم العصور وفي حين استطاعت بعض موجات الغزو أن تمس شمال الوادى ثم تنزاح عنه فان صعيد مصر ظل العمق البعيد المستعصى دواما والراسخ أبدا ومن ثم فقد ظل معقلا للأصالة المصرية والأصالة العربية، لقد كان الوادى من حولكم وبالقرب منكم ساحة للتاريخ، كان الانسان المصرى منذ أقدم العصور بناء الحضارة بفكره وبيده وليست الآثار الباقية على أرض صعيد مصر مجرد أحجار صماء، ولكنها شواهد فكر خارق وشواهد عمل متقدم، وشواهد علم دقيق.. كل ذلك يتوجه ايمان عميق بالدين وبالخلود، ولنا أن نقول اليوم أن خلود الحضارة المصرية وخلود التاريخ المصرى كان إيمانا راسخا آثار الفكر واستنبط العلم وقدس العمل وليس أى شئ آخر، ولقد كان الفكر المصرى غذاء أساسيا للحضارة الأغريقية وتبقى معالم الحضارة المصرية دليلا على علم مصرى سبق غيره بكثير إلى مجالات متعددة في الهندسة والفلك والكيمياء وغيرها من العلوم ، ولم تكن الخضرة التى تكسو وادى النيل بالخصب.. لم تكن هذه الخضرة مجرد قطرات ماء جاء بها نهرنا فحسب، ولكنها قبل ذلك وبعده كانت قطرات عرق فاض بها عمل الانسان المصرى حرثا وزرعا وحصادا، كانت هذه المعانى وتلك الرموز كلها فى ذهنى عندما اخترت أن يكون احتفالنا بعيد العمال هنا هذا العام وما أحوجنا فى هذه اللحظات إلى أن نعود مرة أخرى إلى معاقل الأصالة المصرية والعربية ما أحوجنا مرة أخرى إلى الايمان الراسخ ينير الفكر ويستوعب كل ما فى العصر من علم ويقدس العمل من أجل أمل جديد ومن أجل خلود جديد.

نحن اليوم نحتاج إلي الأصالة والفكر والعلم والعمل:

         اننا اليوم نريد هذا كله، ونحتاج اليه لا لكى نغالب يأسا يعترينا ولكن لكى ننتزع الأمل الذى ينادينا، كانت هناك ظروف فى تاريخنا احتجنا فيها إلى الأصالة وإلى الفكر والعلم والعمل، لكن ندرأ اليأس عنا ونباعد ما بيننا وبينه، ونحن اليوم نحتاج إلى الأصالة وإلى الفكر والعلم والعمل، لكى نأخذ والأمل بأيدينا، ولكى نصنع به مستقبل أمتنا العربية كلها ونحقق ونؤكد دورا عربيا لا غنى عنه ولا بديل له فى تشكيل عالم جديد يقوم على الحق وينشد السلام العادل، لقد كانت ثورة 23 يوليو سنة 1952 منسجمة مع منطق التاريخ .. كانت ثورة 23 يوليو سنة 1952 منسجمة مع موقف التاريخ حينما استقر قرارها على أن تحالف قوى الشعب العامل هو وحده السلطة القادره على بناء المستقبل الحقيقى، لأنه القوة التى صنعت التاريخ الحقيقى، والتاريخ دائما هو من صنع أولئك الذين يفكرون ويعلمون ويعملون بالايمان الراسخ وباليقين الأصيل هؤلاء هم صناع التاريخ، فالفكر تقدم بالطبيعة والعلم انسانى بالضرورة .. والعمل لا يمكن أن يكون مستغلا وانما العمل عطاء واضافة وبناء خلاق ومتواصل، ان ثورة 23 يوليو أزاحت الاستغلال وحرمته .. ثم فتحت المجال فسيحا لقوى الشعب العامل مصدر الأصالة ومنبعها والمالكين لزمام الفكر والعلم والعمل، وكان ذلك انسجاما مع منطق المستقبل، ولقد اخترنا المستقبل حينما اخترنا الحرية والاشتراكية والوحدة أهدافا عظمى لنضالنا، ليس هناك من يستطيع أن يحمل أمانة هذه الأهداف العظمى غير تحالف قوى الشعب العامل لأنها قوى الأصالة ولأنها قوى الفكر والعلم والعمل.

أيها الأخوة والأخوات:

         إن تحالف قوى الشعب مسلحا بكل ما لديه من أسباب القوة، مدعو اليوم للوقوف لكى يدرأ يأسا* كما قلت لكم ولكن لكى ننتزع الأمل، لقد كانت قوى التحالف وليست أية قوة غيرها، هى التى عبرت بقواتها المسلحة جسور يوم 6 أكتوبر العظيم.. وكانت قوى التحالف بقواتها المسلحة أيضا هى التى أجازت واجتاحت حواجز اليأس وأعطت لنفسها منطلقات جديدة في كل المجالات.. فى مجالات العمل الوطنى وفى مجالات العمل العربى .. وفي مجالات العمل الدولى.

علينا أن نجعل من الهزيمة نقطة انطلاق
لبناء دولة جديدة

         أيها الأخوة والأخوات:

         بالعمل الوطنى أبدأ حديثى لكم بما سبق أن كررته مرارا في كل اجتماعاتى بكم، أبدأ حديثى لكم فى العمل الداخلى وأقول ان الحقد لا يبنى أبدا .ان الحقد لا يبنى أبدا . لن يجد الحقد أبدا له مكانا بين شعبنا الطيب من فترة طويلة وأنا عايز ألتقى بيكم عشان أتحدث اليكم كما تعودنا ان احنا نتحدث حديث القلب للقلب تذكروا انه لما التقيت بيكم فى مثل هذا اليوم سنة 1971 في حلوان، وقبل المعركة بسنتين قلت أمام عمالنا فى حلوان وفى عيدهم فى أول مايو، قلت ان علينا أن نجعل من الهزيمة نقطة انطلاق لبناء دولة جديدة ، والحمد لله مفاتش وقت طويل بعد هذا التاريخ الا وكانت قواتكم المسلحة بتحطم جدار الخوف، بتكتب للشعب


* هكذا ورد في الأصل.

<1>