إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام المؤتمر المشترك للجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي ومجلس الشعب، حول اتفاقية سيناء، 4/9/1975
المصدر: "قال الرئيس السادات ، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982 ص، 260-265"

خفت لانقاذ اسرائيل، وصارت ترسل الأسلحة والفنيين رأسا الى سيناء وخلف خط القتال مباشرة وبالرغم من ذلك فقد ثبتنا اقدامنا شرق قناة السويس، وتوقف القتال ونحن نحتل خط بارليف كله.. وتوقف القتال وقد تحقق هدف اخر هام جدا من الاهداف التى كانت فى حسابنا اثناء التخطيط للمعركة وهو اننا خرجنا من المعركة وتسعون فى المائة من  قواتنا المسلحة سليمة تماما.

         لم يتوقف القتال كما حدث فى السابق مرات وقد فقدنا جيشنا او سلاحنا بل ظل جيشنا سليما بتشكيلاته واسلحته وعلى اتم القدرة ليخوض القتال مرات ومرات.. لماذا.. لأن القتال ليس هدفا لذاته فالحرب تنشب لتحقيق هدف سياسى وحين يجىء دور السياسة والتفاوض يختلف الأمر جدا بين ما اذا كنا قد فقدنا قوتنا وما اذا كانت قواتنا المسلحة موجودة قوية وقد ازدادت كفاءة وخبرة، اذ صقلتها نيران المعركة.

         وهذا ما حدث. وقد اسرعت امريكا بجسرها الجوى ساعة القتال لانقاذ اسرائيل ارسلت ايضا بوزير خارجيتها ليتصل بنا لكى نبدأ البحث للوصول الى تسوية فما الذى تغير؟

         لقد كانت امريكا قبل ذلك تكتفى بمساعدة اسرائيل وتضع القضية كلها فى ثلاجة وكل وزراء خارجية الدول العربية بلا استثناء كانوا فى نيويورك وواشنطن اكثر من مرة وتحدثوا الى كل مسئول فى امريكا لمحاولة لفت نظره الى خطورة استمرار الاحتلال الاسرائيلى وكلهم يعرفون انهم لم يجدوا اذنا واحدة صاغية. فما الذى تغير ليأتى وزير الخارجية الأمريكى الى العالم العربى.. الذى تغير هو ان امريكا اكتشفت ان حساباتها خاطئة وان ما كانت تتوقعه من هزيمة للعرب خلال ساعات او ايام لم تحدث. تغير انها رأت عالما عربيا جديدا تماما.. لذلك كان لابد لها ان تسرع بالاتصال بنا، وقد رحبنا بذلك وشجعناه لاننا نعرف. وكلكم تعرفون ان امريكا طرف اصيل فى قضية النزاع العربى الاسرائيلى وكان يهمنا بالتالى ان ينتهى تنصلها من مسئوليتها وان تتحمل هذه المسئولية امامنا وامام العالم.

         وقد كنت حين انوه بدور امريكا واقول ان معظم الأوراق فى يدها يحاول البعض تفسيره ان هذا تقرب او ارتماء فى احضان امريكا. كلا انه تأكيد حقيقة انه ضغط على امريكا ووضعها امام مسئوليتها وقد نجحنا فى ذلك والى حد بعيد ورأينا امريكا تبذل كل هذا الجهد منذ وقف القتال بواسطة الرئيس نيكسون والدكتور كيسنجر ثم بواسطة الرئيس فورد والدكتور كيسنجر.

         وانني لأحب فى هذه المناسبة أن اشكر بوجه خاص الرئيس الأمريكى فورد، فرغم ظروفه الداخلية الصعبة التى يواجهها فى الداخل، الا انه وقف فى رجولة مع كلماته وتعهداته وكان لتدخله واهتمامه الشخصى اثر كبير فى انجاز هذه الخطوة الكبيرة.

ايها الأخوة والاخوات اعضاء المؤتمر المشترك..

         ان المراقب للتصرفات السياسية العربية خلال ربع القرن الماضى سيلاحظ ان هذه السياسة كثيرا ما كانت تتحرك في عشوائية أو كرد فعل.

         ولكننا حين خططنا لحرب اكتوبر خططنا للحرب والسياسة معا. لذلك فانكم تذكرون اننى وقواتنا فى قمة انتصارها والقتال مازال دائرا طالبت امامكم بمؤتمر فى جنيف يضم كل الأطراف ويضع الحل الشامل بحضور كل الاطراف.

         كل ذلك الوقت والوصول الى مؤتمر جنيف كان وما زال هدفنا الاستراتيجى بشرط ان نصل اليه جميعا وفى المقدمة ممثلو شعب فلسطين على اننا نتحرك بسياسة مرسومة ولكنها مرنة في نفس الوقت.

         فاذا وجدنا الخلافات العربية عقبة فى الذهاب الى جنيف بذلنا جهدنا لتسوية هذه الخلافات وصار تمثيل الفلسطينيين لأنفسهم بواسطة منظمة ليس محل اعتراض احد فى المعسكر العربى واذا وجدنا أن تحقيق خطوات من الانسحاب على جبهات المواجهة العربية يمثل اختبارا للنوايا ويهىء الجو للذهاب الى جنيف عملنا على تحقيق هذه الخطوات ومازلنا نعمل له.

         وأقول لكم لقد كانت قضية الشعب الفلسطينى وضرورة تحقيق فصل قوات ثان على الجبهة السورية كانت هاتان القضيتان مائلتين فى كل خطوة او جلسة او مناقشة دارت طوال الفترة الماضية لتحقيق الانسحاب الأسرائيلى الثانى فى سيناء ولم يكن بحثنا الخاص بسيناء منفصلا ابدا لحظة واحدة عن اهتمامنا بسائر الأراضى العربية المحتلة حتى فى الساعات الأخيرة وفى يوم توقيع الاتفاق وعندما اتصل الرئيس فورد تليفونيا بى ذكرت له مرة اخرى ان تجنب خطر الحرب فى هذه المرحلة لا يتم الا بأمرين:الأول تحقيق فصل قوات آخر على الجبهة السورية والثانى هو دخول امريكا فى حوار مع الممثلين الشرعيين لشعب فلسطين والمتمثلين فى منظمة التحرير.

         ان هذا هو هدفنا التالى وسنصل اليه باذن الله. ولو كان كل ما نريده هو سيناء لحصلنا على اكثر جدا مما حصلنا عليه الى هذه اللحظة.

         واستراتيجيتنا منذ اكتوبر 73 فى جانبها السياسى هى الاحتفاظ بقوة الاندفاع فى حل جوانب القضية وعدم ترك قوة الدفع تضعف او تتوقف لحظة واحدة فلا عودة الى سياسة الجمود ولا عودة الى سياسة اللا حرب واللا سلام: ان تجميد قضيتنا بسبب شقاق دولى او وفاق دولى. انما عمل مستمر لكى تبقى الجذوة مشتعلة دائما حتى يتحقق الانسحاب من كل ارض عربية حتى تكون للشعب الفلسطينى دولة تعبر عن ارادته وعن حقه فى تقرير مصيره.

         أيها الأخوة والأخوات أعضاء المؤتمر المشترك..

         إننى بعد كل هذا اقول لكم بنفس الصراحة والاستقامة ان هذه الاتفاقية لفصل القوات لم تحقق ما كنت اريده ولكن قيمتها فوق

<3>