إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، فى افتتاح دورة مجلس الشعب ،  18/10/1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 316 - 319"

         ونحن لم نكتف بوضع هذا الدستور الدائم، ولكننا بذلنا سويا جهدا جبارا فى انجاز الكثير من القوانين والتشريعات المكملة له، وبذلك قامت المؤسسات كلها ومارست ادوارها فعلا.. وقد تم هذا كله بسرعة، ومارست المؤسسات ادوارها فورا.. وكل ذلك خلال اخطر الظروف، وهى ظروف الاستعداد للمعركة، ثم المعركة ذاتها، والمعجزة ان هذا كله تم بأقل عدد من الاخطاء، وها نحن نرى السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية والتنظيم السياسى تمارس ادوارها وتحسن ادائها يوما بعد يوم.

         ولابد ان اشير هنا الى مؤسسة وطنية اخرى بالغة الأهمية فى حياة اية امة وهى قواتنا المسلحة..

         لقد استردت قواتنا المسلحة امجد تقاليدها فى حياة شعبنا، لم تعد ساحة للأهواء والأغراض، ولا وسيلة لتحقيق مآرب سياسية او شخصية.. وقد صهرتها حرب اكتوبر المجيدة.. وهكذا عادت من باب النصر الى دورها الوطنى الأوحد وهو الذود عن حياض الوطن وحماية عزته وكرامته، والدفاع عن الدستور الذى هو اساس الشرعية فى هذا الوطن، وبعد ذلك فانى احب ان اسجل النقاط الآتية امامكم فى ايجاز.

         اولا: ان الاشتراكية هى الطريق الذى اخترناه للتقدم، ولم يكن اختيارنا لها اعتناقا ولا تفلسفا، ولكننا اخترناها بعد دراسة لتطور تاريخنا وبعد تجارب عدة وبوعى كامل لظروفنا.. اشتراكيتنا التى نص عليها فى صلب الدستور هى الطريق الأوحد والأسرع للتقدم ولتحقيق العدالة الاجتماعية معا.. انها اشتراكيتنا لا يفسرها لنا غيرنا لأننا استنبعناها من تربة هذا الوطن ومن خلاصة نضال شعبنا.

         ثانيا: ان تحالف قوى الشعب العامل هى الصيغة التى توصلنا اليها وارتضيناها ايضا لاجتياز مرحلة التحول والتقدم بأقل من الصراع.. ومن التضحيات.. وهى صيغة كفلت لنا السلام الاجتماعى ، وجنبتنا دموية التطور، واعطتنا ساحة عريضة للديمقراطية، إذ ضمت اوسع الجماهير خصوصا تلك التى عاشت قرونا طويلة بعيدة عن ان يكون لها صوت او ان يكون لها دور فى صياغة الحياة على ارضنا.

         ثالثا: ان من اهم معانى هذه الصيغة- صيغة تحالف قوى الشعب العاملة- ان من حق اى فئة ان تعبر عن نفسها، وان تدافع عن مصالحها، ولكن ليس من حق أية فئة ان تغطى على غيرها أو أن تحاول فرض رأيها بالقصر على سواها.

         رابعا: ان هذا التسلسل والترابط الواضح فى حركتنا يصل بنا الى نتيجة هامة، هى ان كل جهدنا الداخلى يجب ان يتفرغ تماما- والى اقصى حد- للانتاج .. ان هذا كله يخلق لنا فرصة ايجاد مجتمع المنتجين ، ومجتمع المنتجين لا مكان فيه لمحاولات العرقلة أو التشويش.

         ان رفع مستوى شعبنا هو غاية الغايات، وهو الوفاء الأكبر لهذا الشعب الصابر الدؤوب، ولا وسيلة لهذا الا الانتاج وزيادة الانتاج وتحسين الانتاج، واى تعطيل لهذه المهمة هو جريمة فى حق الوطن، جريمة لا نستطيع ان نتسامح ازاءها والا نكون بذلك قد فرطنا فى حق الأغلبية الساحقة العاملة من هذا الشعب.

         ان الطريق ليس سهلا، والرخاء الذى بلغه غيرنا لم يبلغه الا بالجهد والانتاج ، وبتقديم الواجب على الحق، ومثلنا لا يملك طرف الانشغال عن الانتاج بالظروف النوعية، ولا يملك طرف المطالبة بالاستهلاك قبل الوفاء بمتطلبات الانتاج، تلك معادلة بديهية علينا ان نطبقها بكل ما نملك من طاقة ومن قوة ومن حزم.

ايها الأخوة والأخوات:

         اننى ارى امامى هنا السلطة التشريعية والسلطة التنفيذية مجتمعين ولهما كلاهما اوجه حديثى.

         ان الوزارة كما قلت ستعرض برنامجها للعمل ليتحول بسرعة الى تشريع ثم انجاز، ولكن هناك من بين كل الأمور التى سوف تعالجونها ما اصر على انجازه فورا وبكل حسم ودون ابطاء:

         - اولا: تحطيم كل عوائق الانفتاح.. لقد اعلنا سياسة الانفتاح ثم جاء النصر فجلب الينا الراغبين فى المساهمة فيه من كل صوب ومن كل فج عميق.. وجريمة الجرائم ان نترك هذه الفرصة تتأخر او تضيع.. نعم لدينا الكثير الذى يجب تغييره.. والحسم فيه من قوانين ولوائح.. ولدينا الكثير مما يجب كسره من اختناقات ولدينا مهمة توفير البنية الاساسية والخدمات المطلوبة لتشجيع الانفتاح.. كل هذا يجب ان يتم بسرعة وبشجاعة وبيد ثابتة.

         لا أريد ان ارى قوانين ولوائح تتغير بين يوم وآخر فتشيع الأرتباك.. الدرس العميق المتجرد، ثم البت السريع.. هذا هو الأسلوب الذى لم يعد يحتمل اى تأجيل.. لا اريد ان يكون الانفتاح سحابة تمر فوق ارضنا ولا يهبط منها الا الرذاذ القليل، ولكننى اريد قدرة على الاستيعاب تملأ ارضنا كلها بالخضرة والنماء.

         - ثانيا: التفتيش عن كل ما يشل او يفسد فى جسد القطاع العام، والحساب بالثواب او العقاب دون تردد.. ذلك ان القطاع العام الذى اقيم من عرق الشعب ووصلت قيمته الى آلاف الملايين من الجنيهات سوف يظل هو قوتنا الضاربة فى ساحة التقدم والبناء والعمران.

         - ثالثا: الاسراع فى اعادة النظر فى نظم الضرائب تشريعا وتطبيقا.. نريد قوانين مبسطة فعالة غير مربكة.. نريد قوانين تحصل حق الشعب كاملا من كل دخل ايا كان مصدره ومهما كان صاحبه فلا يمكن ان يستمر الوضع الراهن الذى يدفع فيه الضرائب ذوى الدخل المسجل المحدود ونترك شتى مصادر الدخول الكبيرة دون الوفاء بهذا الحق.

         اننا نشجع كل فرد على العمل والكسب المشروع والاستثمار بغير حدود، ولكن يقابل هذا واجب الوفاء الكامل بحق المجتمع وهو يتمثل اساسا فى الضرائب المشروعة.

         - رابعا: ان من اسس اشتراكيتنا كما قلت مرارا مظلة التأمين على كل فرد فى هذا الوطن، من العاصمة الى ابعد قرية فى الريف

<3>