إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء

         



(تابع) خطاب الرئيس أنور السادات، أمام أعضاء الكونجرس في الولايات المتحدة الأمريكية، 5/11/ 1975
المصدر: "قال الرئيس السادات، الجزء الخامس 1975، السكرتارية الصحفية لرئيس الجمهورية، ط 1982، ص 402 - 404"

وفى الآونة الأخيرة ظهرت بشائر تبعث على الأمل، تبدت فى قدر أكبر من فهم الموقف وتقدير أحسن لمصالحكم القومية.

         وتتطور علاقاتنا الثنائية على اساس خطوط عامة نقبلها ونقرها. الا  وهى المساواة واحترام الارادة المستقلة لكل منا. وعدم التدخل فى الشئون الداخلية والتعاون المتبادل ونحن نقترح ان نعمل معا من اجل زيادة رقعة التعاون على اساس متين حتى تضم مزيدا من اوجه النشاط سواء على المستوى الرسمى او على الصعيد الشعبى ونحن نود ان نرى مزيدا من الاتصال بين شعبينا.. بين البرلمانيين والمهنيين والصحفيين والكتاب والفنانين ورجال الأعمال والفنيين والاساتذة والطلبة.

         ولعله قد استقر الآن بما لا يدع مجالا للشك اننا لا يمكن ان نقبل اى مساس باستقلالنا ،أو أن نرهن ارادتنا لأى دولة تحت اى ظروف كما أن علاقاتنا مع بلد معين لا يمكن ان تسير على حساب علاقاتنا بغيره من الدول ويجب ان يستقر فى اذهاننا دائما ان مصر هى اقدم دولة فى العالم حظيت بالوجود المستمر غير المنقطع داخل نفس الحدود لمدة تتجاوز سبعة آلاف عام وتستطيعون طبعا تقدير اثر هذه الظاهرة وانعكاسها على مسلكنا السياسى مع سائر الدول اليوم.

         ونحن نبذل ما فى وسعنا لتنمية بلدنا اجتماعيا واقتصاديا فى كل المجالات فنضع خطة طموحة غير انها اساسية للتنمية الشاملة والتحول الاجتماعى والاقتصادى ونعمل على ان نوفر عملا لكل رجل وامرأة ومكانا فى المستشفى لكل مريض ومقعدا فى الفصل لكل طالب. كما نحاول ان نجعل الحياة ايسر وافضل لفلاحينا وعمالنا الكادحين ونحن مصممون على تحقيق كل هذا فى نفس الوقت الذى نكافح فيه للحاق باحدث ما توصل اليه العلم والتكنولوجيا ونحن نرصد اعتمادات اكثر للاستثمار فى نفس الوقت الذى نوفى فيه بديوننا المتراكمة، اننا ملتزمون بجعل الحياة فى مصر افضل واسعد ونحن فى كل هذا نعتمد اولا واساسا على شعبنا... على مواردنا الذاتية وفوق كل هذا نعتمد على املنا فى المستقبل ونحن نرحب باية معونة نتلقاها من الدول الصديقة فى اى صورة كانت ونقدم الشكر لهؤلاء الذين يبدون استعدادا للمساعدة  كما اننا نتفهم موقف هؤلاء الذين لا يبدون هذا الاستعداد لسبب أو لآخر.

         وربما كنتم تعلمون اننا نقتسم القليل الذى لدينا مع غيرنا من الدول وان المعونة المصرية تقدم دون اى تردد للدول الافريقية والأسيوية الشقيقة التى تجتاحها الكوارث ونحن نبنى الطرق والمدارس والمستشفيات فى اماكن نائية بأيمان حازم من جانبنا بأن كل ما هو خير لهذه الشعوب يعتبر خيرا بالنسبة للشعب المصرى.

         ويسهم المهندسون المصريون والأطباء والمدرسون والفنيون المصريون فى تحسين صورة الحياة فى جميع بلاد المنطقة تقريبا وقد تساءل البعض عن حكمة تحديدنا للأولويات وانفاق مواردنا على هذا النحو غير اننا نعتقد ان التقدم الانسانى لا يتجزأ وان جميع الامم يجب ان تتحمل نصيبها من الاعباء كما تقتسم المغانم.

         السيد رئيس مجلس الشيوخ
         السيد رئيس مجلس النواب

         إن كثيرا من اصدقائكم فى مختلف العالم ينتظرون ان تكون السياسة الامريكية مبنية على العدالة والحق وعلى نصرة  المظلوم والمحروم، كذلك فاننا نؤمن بان من الاهمية بمكان ان تطبق الولايات المتحدة فى معاملاتها مع الشعوب الاخرى نفس المعايير التى حاربتم من اجلها عندما قمتم بثورتكم ومن المتعين ان تصبح الولايات المتحدة  فى عداد مؤيدى كل ثورة تهدف الى حرية الانسان وكرامته وعلى هذا فهل هناك اى سبب منطقى لمعاملة الثورة الفلسطينية معاملة مختلفة..

         انكم تعلمون ان الفلسطينيين عانوا بين الحين والآخر من التجاوزات والتعسف وهم يشعرون- لمبررات واضحة- بأنهم لاقوا تجاهلا من المجتمع الدولى طويلا ولم يجذب نضالهم اهتمام وتعاطف العالم الا في السنوات الاخيرة، فقد بدات الامم- بعد ان لمست مأساة الفلسطينيين- تعترف بحقهم فى تقرير مصيرهم واقامة دولتهم وحتى عندما كان لبعض الدول تحفظات على بعض جوانب المقاومة الفلسطينية فان هذا لم يمنعها من احاطتها بالتأييد والتعاطف والتفهم. ومع ذلك تبقى الولايات المتحدة هى الخارج الوحيد على هذا الاجماع العالمى وعلى وجوب اقامة اتصالات مع الفلسطينيين ومع ان الاتصال هو المدخل للفهم المتبادل ذلك الفهم الذى يساعد على التوصل الى حلول، غير اننى يجب ان اذكر امانة اننى لمست دلائل خير فى الاسابيع الاخيرة  عندما اخذ كثيرون منكم من اعضاء مجلس الشيوخ والنواب يهتمون بالقضية الفلسطينية ويحاولون البحث فرديا وداخل اللجان الرئيسية والفرعية عن حلول لها والقضاء على الوضع السىء الذى يعيشون فيه.

         ومع هذا فلا زال هناك الكثير مما يجب عمله اذ ان المظلوم لا يمكن ان ينتظر طويلا وعلى ذلك فاننى اهيب بكم وبكل ما املك من قوة فى التعبير ان تعدوا الشعب الفلسطينى بتأييدكم وتفهمكم فيجب ان تساعدوهم على التغلب على اليأس والشعور بالاحباط لان استمرار الاهمال وعدم الاكتراث هو فى الواقع دعوة صريحة للعنف والسلبية والتطرف وبتأييدكم وتفهمكم سوف يسهل الاعتدال والتعقل وفوق كل هذا فان موقفا امريكيا متعاطفا مع آمال الشعب الفلسطينى وحقه فى اقامة دولته المستقلة سوف يسهم كثيرا فى الاسراع بحل المشكلة وانا واثق من ان ما صرحت به مرارا من ان المسألة الفلسطينية هى جوهر النزاع كله قد اصبح واضحا كل الوضوح وما ان تحل حتى يكون ممكنا تسوية جميع الموضوعات الاخرى المعلقة وبذا تتحقق آمال الكثيرين منا فى ان يصبح السلام حقيقة واقعة.

<2>