إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

الرئيس المنتخب محمد مرسي في أول كلمة يوجهها للأمة بعد انتخابه[1]

القاهرة، في 24 يونيه 2012

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد بن عبدالله "صلى الله عليه وسلم".. (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خيرا مما يجمعون).

شعب مصر العظيم أيها الفرحون اليوم والمحتفلون بعيد الديمقراطية والواقفون في كل ميادين مصر أتوجه إليكم بحمد الله سبحانه وتعالى على بلوغنا هذه اللحظة التاريخية التي تشكل ملمحا مضيئا مسطرة بيد المصريين وإرادتهم ودموعهم وتضحياتهم هذه اللحظة التي نسطرها جميعا بهذه التضحيات".

فما كنت لاقف بين أيديكم اليوم كأول رئيس منتخب بإرادة المصريين الحرة في أول انتخابات رئاسية بعد ثورة 25 يناير ما كنت لاقف هذا الموقف معكم الآن بهذه الفرحة العارمة التي تعم كل ربوع وطن مصر الحبيب لولا توفيق الله سبحانه وتعالى ثم هذه التضحيات وتلك الدماء الذكية لشهدائنا الأبرار ومصابينا العظام".

أقدم الشكر لكل من فقدوا العزيز عليهم وضحوا به من اجل مصر وقدم خالص الدعاء للشهداء والمصابين الذين روا بدمائهم شجرة الحرية والذين فتحوا لنا الطريق لنصل إلى هذه اللحظة.. التقدير والشكر لأسر هؤلاء الشهداء الذين علموا أولادهم معنى الشهادة والوطنية الحقة والذين صبروا على فقد أبنائهم ثمنا للحرية، وأجدد معهم ولهم العهد أن هذه الدماء الذكية لن تضيع هدرا".

كل التحية لشعب مصر العظيم وجيش مصر خير أجناد الأرض والقوات المسلحة بكل أبنائها أينما وجدوا تحية خالصة من قلبي لهم وحب لا يعلمه في قلبي إلا الله سبحانه وتعالى وأنا أحب هؤلاء واقدر دورهم واحرص على تقويتهم والحفاظ عليهم وعلى المؤسسة العريقة التي نحبها ونقدرها جميعا واقدم أيضا التحية لرجال الشرطة الشرفاء ، لافتا إلى أن الذين يتصور بعضهم خطأ انني قد أحمل لبعضهم تقديرا اقل من غيرهم وهذا ظنا غير صحيح وان من يرتكب الجريمة يعاقب عليها بالقانون".

وأما رجال الشرطة الشرفاء وهم الأغلبية الغالية من أبنائي وإخواني من رجال الشرطة في مصر هؤلاء لهم علي حق التحية الواجبة لان عليهم دورا كبير في المستقبل لحفظ أمن وسلامة هذا الوطن من داخله".

وتحية واجبة أيضا لجميع قضاة مصر الذين اشرفوا على انتخابات مصر الثورة وحتى الذين لم يشرفوا فقضاة مصر جميعا محل تقدير واحترام وحب وهم السلطة الثالثة التي يجب أن تبقى دائما كما كانت شامخة مستقلة تمتلك إرادتها وتنفصل عن السلطة التنفيذية وهذه مسؤوليتي في المستقبل أن يكون قضاة مصر مستقلين عن السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية.

وأقول لجميع فئات الشعب المصري في هذا اليوم المشهود إنني اليوم باختياركم و إرادتكم انتم بعد فضل الله عز وجل إنني اليوم رئسا لكل المصريين أينما وجدوا في الداخل والخارج وكل محافظات وقرى مصر وعلى حدودها الشرقية أو الغربية أو الجنوبية أو الشمالية أو في وسطها أرضنا.

مصر الواسعة وشعبها الكريم الأهل والعشيرة والأحبة أهل النوبة ورفح والعريش وجنوب سيناء ومرسى مطروح والغرب والشمال ومحافظات الدلتا وبورسعيد ومدن القناة الإسماعيلية والسويس والشرقية والدقهلية وكفر الشيخ والغربية والمنوفية والقليوبية والإسكندرية والواحات والبحر الأحمر وجنوب سيناء وجنوب الصعيد بني سويف والفيوم والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا والأقصر وأسوان أهلي جميعا المصريون جميعا المسلمين والمسيحيين الرجال والنساء الكبار والشيوخ والشباب الآباء والأمهات فلاحين وعمال والموظفين والمعلمين وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال العاملين في القطاع العام والحكومة وقطاع الأعمال والعاملين في القطاع الخاص والعاملين في كل مؤسسات الدولة تجاه سواقين الأتوبيس والقطارات التاكسي و"التوك توك" والحرفيين وأصحاب المهن والدكاكين الصغيرة أنهم هؤلاء جميعا أهلي.

أتوجه إليكم جميعا في هذا اليوم المشهود الذي أصبحت فيه بعد فضل الله بإرادتكم رئيسا لكل المصريين وسأكون لكل المصريين على مسافة واحدة لكل قدره ومكانته لا يتميزون إلا بقدر عطائهم لوطنهم واحترامهم للدستور والقانون.

مصر التي أبهرت العالم بثورتها وتضحيات شبابها والتي أبهرت العالم بطوابير ناخبيها وحرص أبناء الوطن على الوقوف في طوابير أمام لجان الانتخابات سواء في الإعلان الدستوري في مارس 2011 أو انتخابات مجلس الشعب في نهاية 2011 أو انتخابات مجلس الشورى في أوائل 2012 أو انتخابات الرئاسة في جولتيها والتي انتهت يوم 17/6/2012 و نحتفل اليوم بنتائجها ونحترم هذه النتائج.

إن مصر في حاجة الآن إلى توحيد الصفوف وجمع الكلمة حتى يجنى هذا الشعب العظيم الصابر ثمار تضحياته في العيش الكريم والعدالة الاجتماعية والحرية والكرامة الإنسانية وهي الشعارات الأساسية والأهداف الأساسية التي انطلقت بها حناجر الثوار في كل ميادين مصر في 25 يناير 2011 والتي لا تزال هذه الحناجر تعلنها قوية في كل مشاهد الثورة المستمرة حتى تتحقق كل أهدافها معا نستكمل هذه المسيرة.

لقد صبر الشعب المصري كثيرا من قبل وعانى من المرض والجوع والظلم والقهر والتهميش وتزوير الإرادة والانتخابات حيث كنا ننظر حولنا في العالم ونقول متى يصبح شعب مصر هو مصدر السلطة واليوم أنتم مصدر السلطة كما يرى العالم كله في هذه الملحمة والمنظومة العظيمة التى نمر بها بمصرنا إلى الخير والغد الأعظم والأفضل إن شاء الله.

بفضل الله ثم بإرادتكم وليت عليكم ولست بخيركم.. وإنني سأبذل كل جهدي للوفاء بالالتزامات والتعهدات التي قطعتها على نفسي أمامكم جميعا، مصر للمصريين جميعا، كلنا متساوون في الحقوق، وكلنا علينا واجبات لهذا الوطن، وأما عن نفسي فأنني ليس لي حقوق وإنما علي واجبات، فأعينوني أهلي وعشرتي ما أقمت العدل والحق فيكم.. أعينوني ما أطعت الله فيكم.. فأن عصيته ولم التزم بما تعهدت لكم به.. فلا طاعة لي عليكم.

إنني في هذه اللحظة التاريخية أدعوكم أيها الشعب المصري العظيم، أهلي وعشيرتي، لتقوية وحدتنا الوطنية الشاملة ولتمكين الأواصر بيننا ، فنحن جميعا مصريون وأن اختلفت اجتهاداتنا، ونحن جميعا وطنيون وأن اختلفت أحزابنا وتياراتنا، ونحن جميعا وأوفياء للثورة ولدماء الشهداء.. لا مجال للغة التصادم ولا مجال للتخوين بيننا".

أن هذه الوحدة الوطنية هي السبيل الأن للخروج بمصر من هذه المرحلة الصعبة والانطلاق نحو مشروع شامل نحمله جميعا، لنهضة وتنمية مصرية حقيقة ولتوظيف حقيقي لكل مواردنا.. مواردنا كثيرة والحمد الله ، ونعم الله علينا كثيرة، ولكنها وكما تعلمون أهدرت وأسيئت إدارتها، ونحن اليوم بصدد إدارة هذه الموارد، بما يحقق المصلحة لنا جميعا لنا أن شاء الله.

أدعوكم إلى الانطلاق نحو مشروع شامل لنهضة مصرية بسواعد كل المصريين.. اننا كمصريين مسلمين ومسيحيين دعاة حضارة وبناء كذلك كنا، وسنبقى إن شاء الله كذلك.. سنواجه معا الفتن والمؤامرات التي تستهدف النيل من وحدتنا الوطنية وتماسكنا الاجتماعي، كما صنعنا معا ثورة يناير المجيدة.

فأنني أصر معكم وبكم على إبهار العالم مجددا بنهضة مصرية إن شاء الله تحقق الكرامة والاستقرار والرخاء والعيش الكريم لكل مصري حر آبي على أرض مصر، انني عازم معكم وبكم على بناء مصر الجديدة الدولة الدستورية الوطنية الحديثة، وسيكون كل وقتي في العمل لهذا المشروع الكبير وفق هويتنا ومرجعيتنا.

سأعمل جاهدا معكم وبكم للحفاظ على أمن مصر القومي في كل أبعاده العربية والإفريقية والإقليمية والدولية، وسنحافظ على المعاهدات والمواثيق الدولية -لقد جئنا للعالم برسالة سلام- والالتزامات والاتفاقيات المصرية مع العالم كله، وسنعمل على أن تكون منظومة القيم المصرية وهويتها الحضارية إضافة إلى القيم الإنسانية خصوصا في مجال الحريات واحترام حقوق الإنسان والمحافظة على حقوق المرأة والأسرة والطفل، وإلغاء كل أشكال التمييز.

وسنؤسس لعلاقات متوازنة بين كل القوى العالمية، ولعلاقات متوازنة بيننا وبين كل دول العالم تقوم على المصالح المشتركة والاحترام المتبادل والمنافع المتساوية المتكافئة بين كل الأطراف، ولن نسمح لأنفسنا بالتدخل في الشأن الداخلي لأي دولة، كما لن نسمح بأي تدخل في شئوننا، ونحافظ بالضرورة على السيادة الوطنية وعلى حدود الدولة المصرية، ليعلم الجميع أن قرار مصر من داخلها بإرادة أبنائها، ليعلم الجميع أن مصر بدعوتنا للسلام مع العالم كله، وأن مصر مع ذلك قادرة بأهلها برجالها بشعبها بقواتها المسلحة وبتاريخها العظيم، مصر بذلك كله قادرة على أن تدافع عن نفسها وأن تمنع أي عدوان أو تفكير حتى في عدوان عليها أو على أبنائها أينما وجدوا في هذا العالم.

ايها الشعب المصري العظيم.. أهلي وعشيرتي إنني أدرك تحديات الوضع الراهن ولكنني متأكد أننا بتوفيق الله ثم بتعاوننا وبدعمكم أيها الأحباب سنتمكن من عبور هذه المرحلة سريعا لتصبح مصر قوية وقائدة لأمتها، رائدة في عالمها، فهذا هو قدر مصر، وهذا هو ما ينتظرها في المستقبل أن شاء الله..

وأردد مؤكدًا - ونحن نفرح ونحتفل بهذه الديمقراطية العظيمة بهذه الانتخابات بفوز إرادة الأمة بالشكل التي تفرحون وتحتفلون به الآن- ما أعلنته من قبل أنني لن أخون الله فيكم ولن اعصيه في وطني، واضع نصب عيني قول الله سبحانه وتعالى " واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون ".

رددوا معي أيها الأحباب بإرادتنا ووحدتنا بحبنا لبعضنا البعض نستطيع أن نصنع المستقبل الكريم لنا جميعا قد لا يرى البعض ذلك من خارج هذا الوطن أو يستصعبه علينا شفقة بنا ربما أو غير ذلك ولكننا إن شاء الله قادرون على المضي بهذه المسيرة إلى غد أفضل والله ولى التوفيق وهو الهادي إلى سواء السبيل.

أحبابي البعض يرى ذلك بعيدا ونراه إن شاء الله قريبا وإن غدا لناظره قريب والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

والسلام عليكم ورحمه الله وبركاته.



[1] الهيئة العامة للاستعلامات