إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الرئيس محمد مرسى للأمة في جامعة القاهرة

خطاب الرئيس محمد مرسى للأمة في جامعة القاهرة[1]

القاهرة، في 30 يونيه 2012

بسم الله الرحمن الرحيم.. والحمد لله رب العالمين.. والله أكبر فوق الجميع

 "قل بفضل الله وبرحمته وبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون"

 الشعب المصري العظيم..

الحفل الكريم.. الحضور الكرام السيدات والسادة أحييكم جميعاً بالتحية الخالدة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أرحب بكم جميعاً أيها الأخوة ونحن في جامعة القاهرة التي تعد جامعة الأمة التي كانت أولي خطواتي للتعليم العالي في رحابها والتي أشرف بالانتماء إليها طالباً ومعيداً ومدرساً مساعداً ثم بعد ذلك رحلة الدراسات العليا فإنني أشرف بهذا الانتماء لجامعة القاهرة.. جامعة القاهرة معهد العلم العريق حيث التعليم والبحث العلمي والعلماء الأجلاء في كافة المجالات.

ها نحن نبدأ معاً مرحلة جديدة في تاريخ مصر نطوي بها صفحة بغيضة ونستفتح بها صفحة مضيئة إن شاء الله نسطر معاً بسواعد المصريين تاريخاً يتصل بتاريخنا الشامخ منذ آلاف السنين حيث عاشت مصر عصور ازدهار نفخر بها ويفخر بها ملايين العرب والمسلمين كما عانت أحياناً لحظات انكسار سنعمل بقوة على ألا يعود.. فمصر لن تعود إلي الوراء.. لن تعود إلى الوراء.

السيدات والسادة

لقد أنجز الشعب المصري بفضل الله تعالي ثم بتضحيات شهدائه الأبرار إنجازات عظيمة سنحافظ عليها.. ولن نفرط فيها أبداً لأنها ولدت من رحم المعاناة وتكبد الشعب فيها مئات الأرواح وآلاف الجرحى.

    لقد فرض الشعب المصري إرادته وسيادته ومارس لأول مرة في تاريخه الحديث سلطاته الكاملة فانتخب مجلساً للشعب ومجلساً للشورى في انتخابات حرة نزيهة عكست تمثيلاً حقيقياً لكافة مكونات المجتمع المصري واختار البرلمان المنتخب جمعية تأسيسية لصياغة دستور جديد لمصر.. بدأت هذه الجمعية عملها وستستعين وأنا علي يقين من ذلك بكافة الخبراء في كل الاتجاهات ليأتي الدستور معبراً عن التوافق الوطني ومرسخاً للدولة الوطنية الديمقراطية الدستورية ومحافظاً علي هوية الأمة والمقومات الأساسية للمجتمع وحارساً للحريات العامة والخاصة.

وقال الرئيس: "دستور يقوم علي الحق والعدل والقانون ويحمي استقلال القضاء ومطلقاً لحرية الفكر والتعبير والتنظيم والإبداع.. دستور يحقق العدل الاجتماعي وينقل مصر إلي مصاف الدول الحديثة التي يكون الحاكم فيها أجيراً عند الأمة وخادماً للشعب".

أضاف سيكون في مصر الجديدة: الحاكم أجيراً عند الأمة وخادماً للشعب وهذه من أولي مهماتي معكم حكماً بين السلطات راعياً للدستور والقانون وبعد أن أولاني الشعب ثقته في انتخابات حرة نزيهة أشرف عليها قضاة مصر العظام العدول وحرستها القوات المسلحة ورجال الشرطة الأمناء وأعلن شيوخ القضاء المصري نتيجتها النزيهة التي جاءت بها صناديق الانتخاب.

"يا أبناء مصر جميعاً أعاهد الله وأعاهدكم وأقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً علي النظام الجمهوري وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعي مصالح الشعب رعاية كاملة.. وأن أحافظ علي استقلال الوطن وسلامة أراضيه.

ومن تمام المحافظة علي استقلال الوطن وسلامة أراضيه واستقلاله.. حيث إنه من الضروري أن أحافظ علي القوات المسلحة والشرطة والقضاء وأن أحافظ علي كل أبناء مصر وشعبها.

السيدات والسادة

سوف أبذل كل جهدي للحفاظ علي أمننا القومي وحماية حدود هذا الوطن مع القوات المسلحة درع الوطن وسيفه الذي يردع كل من تسول له نفسه المساس بمصر أو تهديد أمنها القومي وأعاهد الله تعالي أن أحافظ علي هذه المؤسسة وأحافظ علي أبنائها جنداً وقيادات وأن أعلي من شأنها وأن أدعمها وأن أتخذ كل الوسائل والأسباب لتكون أقوي مما كانت ولتستمر راسخة وليكون الشعب معها في كل ما تعمل إن شاء الله".

"أعاهد الله وأعاهدكم والعالم يسمع ويري والله فوق الجميع يسمع ويري علي أن يكون أمن البلاد واستقرارها نصب عيني ومسئوليتي مع رجال الشرطة الأوفياء الذين نذروا أنفسهم لحماية الأرواح والمنشآت والممتلكات العامة والخاصة أن نستكمل معاً استقلال القضاء وأن يكون حكم القانون هو الفيصل.. وأن يحصل كل مصري ومصرية علي حقه أمام منصة العدالة العالية".

"لقد وفي المجلس الأعلى للقوات المسلحة بوعده وعهده الذي أخذه علي نفسه ألا يكون بديلاً عن الإرادة الشعبية".

وتابع الرئيس مرسي قائلاً: "إن المؤسسات المنتخبة ستعود لأداء دورها ويعود الجيش المصري العظيم ليتفرغ إلي مهمته لحماية أمن وحدود الوطن والحفاظ علي قواتنا المسلحة قوية عزيزة متماسكة تعمل مع باقي مؤسسات الدولة في إطار الدستور والقانون فتحية لهم علي ما بذلوه من جهد وما تحملوه من عنت وما تكبدوه من مشاق".

"إن النهوض بمصر هي مسئوليتنا جميعاً لا مجال للانتظار فمصر في حاجة ماسة إلي كل يد تبني مستقبلها المشرق.. وأن الأمم لا يمكن أن تحقق نهضتها إلا بمشاركة كل أبنائها والتعاون المثمر بين المجتمع ومؤسسات الدولة وعلي هذا الأساس فإننا سنفتح الآفاق في الفترة المقبلة لتمكين المجتمع بكل مكوناته وفئاته وتوسيع دور المجتمع الأهلي والمدني للمساهمة بجد في كل قضايا الوطن".

"إنني من موقعي هذا أتعهد أمام المصريين جميعاً بأن تقوم الدولة بكامل مسئولياتها تجاه المجتمع وتجاه أبناء مصر في الداخل والخارج.. وأن تسهر علي ما يخص أمنه واستقراره وسلامته.. وأن ترعي كل فئات هذا المجتمع وأبذل غاية وسعي لدعم وسائل التعاون والمحبة بين كل أطياف هذا المجتمع المصري الأصيل وتفعيل مفهوم المواطنة بين المصريين جميعاً".

"إننا بحاجة ماسة إلي إزالة آثار الفوضى في كل المجالات وخاصة في المجال الاقتصادي هذه الفوضى التي أسهم فيها النظام السابق علي مدار العقود المنصرمة.. ولابد أن نحقق العدالة الاجتماعية بمفهومها الشامل ليتحقق الاستقرار والأمن للمجتمع المصري".

السيدات والسادة..

إن الأمة المصرية علي طول تاريخها قامت بدور الحارس الأمين علي مسار الدولة فإن حاد النظام الحاكم علي المسار التاريخي الحضاري فإن هذا الشعب قادر علي تقويمه. وها هو الشعب المصري الأصيل الذي خرج ثائراً.. في ميادين العزة والكرامة.. في ميادين الشهداء.. في ميادين التحرير وكل ميادين مصر.. استطاع هذا الشعب تقويم مسار السلطة بل أسقط هذه السلطة الظالمة بشكل سلمي حضاري ضارباً بذلك أروع النماذج التي عرفتها الأمم في رقابة المجتمع علي السلطة الحاكمة".

إنني من هذا المنطلق أقول لمن تنتابهم هواجس من تبدل مسار الدولة المصرية إلي مسارات أخري أن الشعب اختارني من أجل مسيرة حضارة الدولة المصرية ودورها العظيم ولن يقبل الشعب الخروج عن تلك المسيرة ولا أريده أن يقبل.

أعاهد الله وأعاهدكم بأن أبذل غاية الوسع والطاقة للحفاظ علي الدولة المصرية وإصلاحها بما يجعل مؤسساتها أكثر تعبيراً عن المصريين وقرباً منهم وأن تعمل أجهزة الدول علي حماية ورعاية مصالح المواطنين في الداخل والخارج باعتبار أن المواطن المصري هو محور اهتمامها وهو العمود الفقري للتنمية الشاملة.

أيها الشعب المصري العظيم إن النظام السابق فرط في أمن مصر القومي وأدي إلي تقزيم دورها الدولي والإقليمي ولكننا نقول اليوم إننا سوف نبني مصر القوية ونعيد تشكيل منظومة أمنها القومي بما يتفق مع قدرات مصر الصلبة والناعمة وثقلها الحقيقي في الدوائر العربية والإسلامية والأفريقية والدولية.

إننا نحمل رسالة سلام للعالم ونحمل قبلها ومعها رسالة حق وعدل.. وكما تعهدنا دوماً نؤكد علي احترام التزامات الدولة المصرية في المعاهدات والاتفاقيات الدولية.. إنني أعلن من هنا أن مصر الشعب والأمة والحكومة ومؤسسة الرئاسة تقف مع الشعب الفلسطيني حتى يحصل علي كافة حقوقه المشروعة. وسنعمل علي إتمام المصالحة الوطنية الفلسطينية ليكون الشعب الفلسطيني صفاً واحداً لاستعادة أرضه وسيادته.

نحن لا نصدر الثورة.. المصريون لا يصدرون الثورة. ولا نتدخل في شئون أحد ولا نسمح في نفس الوقت أن يتدخل أحد في شئوننا.. إذ كنا الآن في مصر نبني مصرنا الجديدة فإننا لا ننفك أبداً علي أمتنا العربية والإسلامية ولا نعادي أحداً في هذا العالم.

نحن نعلن دائماً كمصريين تأييدنا للشعوب في الحصول علي حرياتها وأن تحكم نفسها بنفسها هذه هي المبادئ العامة التي يؤمن بها جميع الناس في العالم.. مصر اليوم داعمة للشعب الفلسطيني وأيضاً للشعب السوري.

قال الرئيس محمد مرسي إنه "يجب أن يتوقف نزيف الدم الذي يراق للشعب السوري.. الشعب الشقيق في سوريا.. نحن نريد لهذا الدم أن يتوقف. وسنبذل قصارى جهدنا لأن يتوقف نزيف الدم في المستقبل القريب إن شاء الله. وسنعمل بكل جدية من أجل تفعيل منظومة العمل العربي المشترك وما يستوجبه ذلك من تطور في إطار الجامعة العربية واتفاقية الدفاع العربي المشترك والسوق العربية المشتركة".

كل الدول العربية في حاجة لهذا وكلهم حريصون علي ذلك ومصر هي الرائدة دائماً وإذا نهضت نهض العرب جميعاً إن شاء الله.إن مصر في عهدها الجديد لن تقبل أي انتهاك للأمن القومي العربي. وستكون دائماً في صف السلام الشامل العادل. ولن تلجأ أبداً لسياسات العدوان. وستقف قوية صلبة في وجه التحديات والأخطار التي تهددها.

السيدات والسادة

أيها المواطنون في كل مكان.. الحضور الكرام الذين أحبهم وأقدرهم. واسعي دائماً أن أكون منهم. ودليلاً لهم إلي مصر الجديدة.. أيها المواطنون في كل مكان.. كان قدر مصر منذ الأبد أن تكون رائدة وستصبح بسواعد أبنائها في ميادين العمل والإنتاج قادرة علي الاستجابة لقدرها إن شاء الله.

سنعمل معاً علي تشجيع الاستثمار في كل قطاعاته واستعادة السياحة لدورها بما يعود بالخير علي الاقتصاد المصري وعلي كل مواطن في مصر. سنرسم معاً مستقبلاً زاهراً إن شاء الله لأولادنا وأحفادنا مسلمين ومسيحيين. لتعود مصر عزيزة قوية ولتستكمل أهداف ثورتها. ولنستكمل معاً أهداف ثورتنا ونحقق معاً الحرية والعدالة والكرامة الإنسانية.

أرسل إليكم أحبائي جميعاً تحية من القلب. وأعاهدكم ألا أخون الله فيكم.. لن أخون وطني أبداً.. لن أخون أهلي أبداً. سأكون بحول الله وعونه عند ظنكم ومطالبكم ورغباتكم وإرادتكم.

عند ذلك قاطعه الحضور بالتذكير بدم الشهداء.. ورد الرئيس مرسي قائلاً: الشهداء ذكرت وأكرر "دماء الشهداء ومئات الجرحى والمصابين حق في رقبتي حتى يؤخذ القصاص العادل لهم". ننظر إلي الأمام ولا ننظر إلي الخلف أو أسفل الأقدام ونمضي إلي العمل والإنتاج. وأن غداً لناظره قريب.

"وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".. صدق الله العظيم.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

 

 

 



[1] الهيئة العامة للاستعلامات