إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي للشعب عقب أحداث قصر الاتحادية[1]

 في 6 ديسمبر 2012

بسم الله الرحمن الرحيم

واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا

أيها الشعب المصري الكريم

السيدات والسادة

أتحدث إليكم اليوم بقلب يعتصره الألم ونفس يلفها الأسى على الأرواح التي لقيت ربها والدماء التي سالت بغير ذنباً في الأحداث التي جرت أمام مقر رئاسة الجمهورية في اليومين الماضيين، إنني أشعر بحقِ ، إنني أشعر بحق كل مواطنًا مصري عليّ، وواجبي نحوه، مؤيداً كان أم معارضاً، لأن الوطن وأبناؤه عندي وحدة واحدة لا يفرق بين بعضهم وبعض، لا يفرق بين بعضهم وبعض في حق الأمن وحق السلامة، وحق السلامة من العدوان، أقول لا يفرق بينهم جميعا في ذلك دين ولا انتماء سياسي ولا موقف وقتي في هذا الصف أو ذاك.

لقد جرت هذه الأحداث الأليمة تحت ستار من خلاف سياسي الأصل فيه أن يحل بالحوار وأن يتم الوصول فيه إلى كلمة سواء تحقق مصلحة الوطن بالنزول على إرادة شعبه، إرادة هذا الشعب التي كنا نحلم طويلاً جميعاًً عبر سنين من التهميش والقهر والظلم والفساد وتزوير الانتخابات استخدام كل أنواع البلطجة ضد المواطنين من نظام سقط برموزه ولن يعود.. لن يعود هذا النظام إلى أرض مصر مرة ثانية.

أقول لابد وأن ننزل جميعا على إرادة هذا الشعب، وهذه المصلحة لا يحققها العنف، وتلك الإرادة لا تعبر عنها التجمعات الغاضبة إنما يتحققان بالحكمة والتعقل والسكينة، التي تمنح الفرصة للتفكير السوي والقرار الصائب الذي تنزل فيها الأقلية على رأي الأغلبية.. أليست هذه هي الديمقراطية؟

تنزل الأقلية على رأي الأغلبية ويتعاونان جميعاً على تحقيق المصلحة الوطنية العليا متجاوزين المصلحة الخاصة، والتعصب فى الرأي أو الحزب أو الطائفة، كان هذا هو الذى أتمنى أن يكون ذلك في مصر الوطن الغالي علينا، مصر الوطن الغالي علينا جميعاً مصر العزيزة، ولكن الرياح جرت بأشياء أخرى أرجو الله أن يقي الوطن والمواطنين من شرور تلك العثرات فيها، أرجو الله أن يقي الوطن والمواطنين من شرور التعثر فيها.

الشعب المصري العظيم الواعي الذي يعرف قيمته وتاريخه وحضارته ومعتقداته، الشعب الذى يعرف ما يحدث في الدنيا، ويعيش هذا العالم وهذا العصر وبقدر عظمة هذا الشعب وبقدر إمكانياته وبقدر قدراته على النهوض من كبوة طالت بقدر هذه الإمكانيات تكون التحديات.

أوجه حديثي إلى من عارضني ويعارضني بشرف ومن جاء يدافع عن الشرعية وبذل في ذلك ثمناً غالياً وأي شيء أغلى من الحياة أقولها صريحة وواضحة أننا وإن كنا نحترم حق التعبير السلمي الذي هو حق أصيل للجميع فلن أسمح أبدا، بأن يعمد أحد إلى القتل والتخريب، لن أسمح أبداً بأن يعمد أحداً بتدبير بليل إلى القتل والتخريب وترويع الآمنين وتخريب المنشآت العامة أو الدعوة للانقلاب على الشرعية القائمة على الخيار الحر لشعب مصر العظيم.

لقد تناول المتظاهرون بالعدوان، قد تناول المتظاهرون بالعدوان يوم الثلاثاء 4 ديسمبر 2012، أول أمس بعض المتظاهرين، اعتدى على سيارات رئاسة الجمهورية فوقع هذا الاعتداء على العديد من هذه السيارات وأصيب سائق إحداها إصابات جسيمة لا يزال نزيل المستشفى بسببها لماذا؟، هل التظاهر السلمي يعني الاعتداء على المنشآت العامة والخاصة أو يعنى الاعتداء على طريق يمر منه المارة أو يعنى تعطيل الإنتاج أو تشويه الصورة عن مصر؟ هذا لا يمكن أن يكون أبدا تظاهرا سليما مقبولا، إنما ذلك مشوب بما نرى ورأينا من عنف من البعض أندس وسط أهل الرأي ولن يفلت هذا من العقاب.

لقد لقي ربه في أحداث يوم أمس، أمس كان الأمر أسوأ من اليوم السابق حيث اعتدى على المتظاهرين السلميين عدد من المندسين، اعتدى عليهم اعتداءً صارخاً مرفوضاً باستخدام السلاح، وهذا هو الجديد في الأمر، أن يستخدم السلاح الخرطوش والأسلحة النارية قنابل الغاز، لقد لقي ربه في أحداث يوم أمس، الأربعاء 5 ديسمبر2012، ستة من شباب مصر الأطهار، وأصيب أكثر من سبعمائة، وأصيب أكثر من سبعمائة رجل وامرأة، منهم 19 أصيبوا بطلقات نارية، و62 بطلقات الخرطوش، واستمرت أعمال التحريض على العنف وممارسة الإرهاب على المواطنين العزل حتى صباح اليوم، وألقت قوات الأمن القبض على أكثر من 80 متورطا في أعمال العنف وحاملا للسلاح ومستعملاً له وحققت النيابة العامة مع بعضهم والباقون محتجزون قيد التحقيق معهم بمعرفتها ومن المؤسف أن بعض هؤلاء المقبوض عليهم لديهم روابط، لديهم روابط عمل واتصال ببعض من ينتسبون أو ينسبون أنفسهم إلى القوى السياسية، وبعضهم، بعض هؤلاء المستخدمين للسلاح، الممارسين للعنف، بعضهم من المستأجرين مقابل مال دفع لهم كشفت عن ذلك التحقيقات واعترافاتهم فيها، من أعطي لهم المال ومن هيأ لهم السلاح ومن وقف يدعمهم وذلك حدث منذ فترة طويلة في المرحلة الانتقالية لقد رأينا قبل ذلك حديثا مجهلاً عن الطرف الثالث في أحداث ماسبيرو المؤسفة، وأحداث محمد محمود المؤسفة، وأحداث مجلس الوزراء أو شارع مجلس الوزراء، شارع مجلس الشعب التى أسفنا جمعيا على ما وقع فيه وأحداث بور سعيد أيضا.

ولم يتمكن أحد من أن يصل إلى هذا الطرف الثالث، إن هؤلاء المقبوض عليهم اللى أكثر من 80 واحد ممن استخدموا السلاح بالفعل أمس، وما لا يقل عن 40 آخرين تكلموا هم عنهم وعن ارتباطاتهم بهم، إن اعترافات هؤلاء والتحقيقات معهم سوف تعلن النيابة العامة من جانبها نتائجها التي تجرى الآن من هذه الوقائع المؤسفة مع مرتكبيها والمحرضين عليها ومموليها، ومموليها في الداخل كانوا أو في الخارج، في الداخل كانوا أو في الخارج.

إنني بكل وضوح أميز تمييزا شديدا بالقانون بين السياسيين والرموز الوطنية المعترضة على بعض المواقف والتصرفات السياسية والمعارضة لنص مشروع الدستور، أميز بين كل هؤلاء لأن هذا أمر طبيعي، وهذا أمر متفق عليه، و وهذا أمر مقبول، هكذا تكون المعارضة بكل أنواعها، أميز بين هذا وبين الذين ينفقون أموالهم، أموالهم الفاسدة التي جمعوها بفسادهم من جراء أعمالهم مع النظام السابق، الذي أجرم وأجرم معه هؤلاء، أقول أميز بين كل أنواع المعارضة التى ذكرتها وبين الذين ينفقون أموالهم الفاسدة لحرق الوطن وهدم بنيانه.

ولذلك، فإنني أتواصل بكل رحابة صدر وسعة أفق مع النوع الأول، ونطبق القانون بكل حسم على النحو الذي يحقق العدالة ويحفظ، ويحفظ أمن الوطن على الآخرين. لقد كان اصدار الإعلان الدستوري فى 21 نوفمبر 2012، محركا لبعض الاعتراضات السياسية والقانونية وهذا أمر مقبول أما من استغلوا هذا وتحركوا لهذا العنف، ويأجروا بلطجية ويجيبوا سلاح ويوزعوا مال لقد آن الأوان الآن لكي يحاسب ويعاقب بالقانون هؤلاء، وأود اليوم أن أؤكد أن الوقائع التي دفعتني إلى إصدار هذا الإعلان كانت ولا تزال خطورة، كانت ولا تزال تمثل خطورة هائلة علي استقرار الوطن وأمنه، وكانت الاجتماعات المتوالية -مثلا مثلا- في مكتب أحد المتهمين فى موقعة الجمل، أحد المتهمين فى موقعة الجمل اللى طلع براءة فى مكتبه تبقى فيه اجتماعات، وما ينقله عما يدور بداخلها بعض المشاركين فيها، سببا كافيا، هذا مثال لكنها تعد مع غيرها سببا كافيا لإصدار هذا الإعلان الدستوري، وقد أعلنت من قبل وها أنا أكرر اليوم لأؤكد أن تحصين الإعلانات الدستورية والقوانين والقرارات لم يقصد به أصلا ، ولا يمكن أن يقصد به، لم يقصد به أصلا أن نمنع القضاء من ممارسة حقه، أو نمنع المواطنين من الطعن على قرارات أو قوانين إذا كانت محلا لطعن.

لن يتم اللجوء إليه فعلا إلا فقط كما قلت قبل ذلك، إلا فقط فيما يتصل بأعمال السيادة التي تمارسها الدولة بوصفها سلطة حكم، والذي يحدد هذه الأعمال ويكيفها ويقضي في شأنها هو ما استقر عليه القضاء المصري العادل المستقل.

لقد حمى القضاء، وهو بعيد عن السياسة وتعصباتها، حمى الحقوق والحريات خير حماية، وهو اليوم مدعو بكل احترام وتقدير للاستمرار في أداء هذا الدور وإلى تأكيده لحماية الدولة وسيادتها ومؤسساتها، وأنا واثق كل الثقة أن هذا هو الدور الذي سيقوم به القضاة بغير زيادة ولا نقصان، إن واجبي في حماية الوطن والسهر على أمنه واستقراره، وعلى أمن المواطنين جميعا، هو الذي دعاني إلى إصدار ذلك الإعلان، وواجبي هو الذي حددته من صيانة أعمال السيادة التي تحمي مؤسسات الدولة، من أن يعبث بها أو تفرغ من مضمونها أو لا تحقق نتائجها، وسأقوم بهذا الواجب دائماً مهما كانت الضغوط وتحت جميع الظروف.

والحديث أيضا في هذا الإعلان عن المادة السادسة لم تكن هذه المادة سوى ضمانا لحماية الوطن وأمنه وأبنائه وممتلكاتهم من التصرفات غير المحسوبة، التي تمارسها مجموعات غير مسئولة بلا رقيب من ضمير ولا رادع من قانون، وإذا كان البعض قد رأى أن في هذه المادة تكرارا لما هو مستقر قبل ذلك، ولكني أردت أن أوضح وأعنون ما هو مستقر ولم أزد على ذلك وإذا كانت هذه المادة تمثل قلقلا لأحد فإنني لست مصرا علي بقائها، لأن معناها وما فيها مستقر قبل ذلك كما قال الكثير، إننى لست مصراً على بقائها إذا انتهى الحوار مع القوى السياسية إلى ذلك ، وعلى أي حال فان هذا الإعلان الدستوري سينتهي كله وجميع آثاره بمجرد إعلان نتيجة الاستفتاء سواء كانت بنعم او بلا.

إنما أردت بهذا الإعلان حقيقة أن أصل الي مرحلة انجاز الدستور إلى إجراء الاستفتاء عليه إلى السماح، إلى تهيئة الفرصة لهذا الشعب العظيم لكي يقول كلمته وبعدها، بعد كلمة الشعب لا معقب والكل يخضع لهذه الإرادة.

لقد أنفقت وأنفق عدد من المخلصين لهذا الوطن أوقاتاً طويلة على مدار الأسبوعين الماضيين على الرغم من كل هذه الأحداث، أنفقنا هذا الوقت للوصول إلى صيغ توافقية في المسائل التي تشغل بال المصريين كافة فتم التواصل مع عدد من الرموز الوطنية والسياسية ومع الكنيسة المصرية ومع بعض رؤساء الأحزاب ومع آخرين ممن يهتمون بأمر هذا الوطن ويشغلون أنفسهم بالنظر في مصلحته ومستقبله ومستقبل أبنائه وأسفر ذلك كله عن دعوة للحوار الشامل المنتج أوجهها إلى كل الرموز والقوى السياسية ورؤساء الأحزاب وشباب الثورة وكبار رجال القانون، لنجتمع معا يوم السبب القادم 8 ديسمبر 2012، على تمام الساعة الثانية عشرة والنص بعد الظهر بمقر رئاسة الجمهورية للتوصل الي اتفاق جامع للكلمة وموحد للأمة نخرج به جميعا من ضيق الفرقة والنزاع إلى رحابة احتمال الخلاف أن لم نصل إلى راحة الإجماع، والمطروح فى ذلك والاقتراحات في ذلك كثيرة منها على سبيل المثال، استكمال مجلس الشورى، قانون الانتخابات القادمة وكيف ستكون، وأيضا من الأمثلة المطروحة للنقاش كيف ستكون خارطة الطريق بعد الاستفتاء سواءً كانت كلمة الشعب نعم أم لا.

إن الدماء الزكية التي سالت في أثناء الأحداث في اليومين السابقين لن تذهب هدرا، والذين زودوا بالسلاح والمال ومارسوا التحريض على العنف بدءوا يمثلون أمام النيابة العامة تمهيدا لمحاسبة كلا منهم عما اقترفت يداه، وأنا لا يسعني في ذلك إلا أن أتقدم بخالص العزاء لأسر لآباء وأمهات وأبناء وأزواج هؤلاء الشهداء.

داعي الله سبحانه وتعالى أن يرحمهم وأن يتقبلهم وأن يجعل شهادتهم هذه في سبيله وابتغاء مرضاته، وأيضاً هؤلاء المصابين إخواننا وأبناؤنا جميعاً، هؤلاء أيضاً أسهر الآن على رعايتهم وأكفل لهم كل وسائل العلاج، وأتمنى لهم العافية والمعافاة مما أصابهم في هذه الأحداث المؤسفة ، ولقد استعدت الدولة كلها لإجراء الاستفتاء على الدستور في موعده إذا وافق الشعب عليه، سيبدأ بناء مؤسسات الدولة على أساسه، وإذا كانت النتيجة رفض الشعب له، فسأدعو بمقتضى سلطتي ومسؤوليتي إلى تشكيل جمعية تأسيسية جديدة، سواء بالتوافق أو بالانتخاب الحر المباشرة لوضع مشروع الدستور الجديد، إنني أعلن ذلك ليعلم الجميع أنني لن أستخدم سلطة منفردة في الشأن الوطني العام، وأن الكلمة النهائية ستكون دائما للشعب صانع الثورة وحاميها.

في ختام هذه الكلمة، أتوجه إلى الجميع، إلى الشعب المصري كله، إلى كل أهل مصر، إلى من يحب هذا الوطن وبالضرورة الجميع يتمنى الخير والاستقرار له، أتوجه إلى الجميع بأن نترك أي عنف، ولا نسمح لأحد أن يمارسه ما علاقة التظاهر السلمي بالاعتداء على المباني، أو المنشآت أو مقرات الأحزاب؟، ما علاقة التظاهر السلمي بذلك؟ هذا أمر مرفوض يسيء إلينا جميعا.

انا أدعو الشعب المصري كله إلى أن يتصدى لمثل هذه الأفعال المشينة وألا يضيع وقته فى مثل هذه الأعمال العنيفة، وإلى الذين يتظاهرون، فالتظاهر حق مكفول، ولكن كما أكدت قبل ذلك وأكدنا جميعاً، التظاهر السلمي بعيدا عن تعطيل العمل أو تعويق المرور أو تهديد المواطنين الآمنين أو العدوان على الممتلكات الخاصة أو العامة أو العدوان على الشركات، أو المؤسسات، أو الوزارات أو السفارات، لا مجال لذلك على الإطلاق، نحن جميعاً نسير إلى الأمام وننظر أمامنا وبالحوار الذى قدمت له، وأدعو الجميع إليه الآن لهذا الحوار، وبالحب والقانون، وبالحزم والحسم مع من يخرج عن عليه، مع من يخرج على هذا القانون، لهذا كله نمضى إلى الأمام وتتعافى مصرنا وتنهض من كبوتها التي طالت في ظل نظام فاسد جثم على صدر الأمة لعدة عقود.

"أتمنى لكم جميعا التوفيق وأتمنى لكم جميعاً التعاون والتواصل والمحبة، حفظ الله مصرنا من كل سوء، والله سبحانه وتعالى من وراء القصد وهو يهدي السبيل".

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته



[1] الهيئة العامة للاستعلامات