إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


خطاب الدكتور محمد مرسي يوم 24/6/2012

كلمة الرئيس محمد مرسي في افتتاح المنتدى المصري للسياسة الخارجية[1]

السبت 23 فبراير 2013

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الكريم وآله وصحبه أجمعين

السيدات والسادة الحضور الكرام،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يطيب لي في مستهل حديثي اليوم أن أرحب بحضراتكم جميعاً ترحيباً خالصاً، وأشكر لكم تلبيتكم الكريمة للدعوة الموجهة إلى سيادتكم من مؤسسة الرئاسة للحضور والمشاركة في هذا اللقاء الأول من نوعه، والمخصص لطرح ومناقشة الرؤية الكلية لماهية السياسة الخارجية المصرية الجديدة، وأهدافها العامة واتجاهات حركتها الأساسية.

تُعد هذه الجلسة الأولى في إطار جلسات تطوير الصياغة الثالثة لرؤية السياسة الخارجية، التي تقودها مؤسسة الرئاسة بشكل رسمي ودستوري، حيث تمثلت الصياغة الأولى في الرؤية الحزبية التي تشكلت أثناء تأسيس حزب الحرية والعدالة وتوليتي رئاسته، وتم تطوير هذه الرؤية في برنامجي الانتخابي للرئاسة من خلال صياغة ثانية. واليوم أقدم إليكم النسخة الثالثة من هذه الرؤية، التي تم بناؤها من خلال جهد بحثي كبير تواصل خلال الأشهر الستة الماضية، بالإضافة إلى عدد من ورش العمل التي جاوزت الثلاثين جلسة، تمت خلالها دعوة مساعدي وزير الخارجية المختصين، ومسؤولي الملفات الأساسية في وزارة الخارجية، والجهات الوطنية المختلفة، منها جهاز المخابرات المصرية والوزارات المعنية، ولجنة الشؤون العربية والخارجية والأمن القومي بمجلس الشورى، بالإضافة إلى عدد من المتخصصين من أساتذة العلاقات الدولية والقانون الدولي بعدد من الجامعات المصرية.

وقد رُوعي خلال هذه الجلسات دعوة المختصين من مختلف التوجهات الفكرية والسياسية، اعتماداً على الكفاءة والخبرة كمعيار أساسي، كما تم التواصل بشأنها مع بعض المراكز البحثية المتخصصة ذات السمعة العلمية المتميزة.

وتكون عن هذا العمل ثمرة طيبة لرؤية السياسة الخارجية المصرية بشكل عام، وإزاء بعض القضايا الحيوية بتركيز خاص، رأت الرئاسة ضرورة توسيع نطاق المناقشة حولها بين المتخصصين، والانتقال بها إلى بُعد آخر إلى جانب البُعد المؤسسي، وهو البُعد المجتمعي الأشمل، بهدف إضافة جوانب جديدة تتصل بفئات المجتمع المختلفة لا تتضمنها الرؤى المؤسسية للسياسات، ومراعاة لاستقامة هذه الرؤية مع توجهات الرأي العام.

ومن هنا كانت هذه الدعوة موجهة إلى كوكبة متنوعة من الأساتذة المتخصصين، وأصحاب الخبرة العملية من الدبلوماسيين، وممثلي المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمهتمين بالشأن العام، والشخصيات العامة من رجال الفكر والكتاب، وممثلين عن المصريين في الخارج.

كما حرصنا على أن تراعي الدعوة إلى جانب القامات الكبيرة من أصحاب الخبرة، حضور شباب أعضاء هيئة التدريس المختصين، بما يضيف وجودهم من رؤى جديدة وما تحملهم مسؤوليتهم من أن يكونوا في مقدمة ركب العمل، في بناء سياسة خارجية جديدة لمصر، بعد ثورة يناير، التي كانوا بأنفسهم الشرارة الأولى لانطلاقها.

وإننا نسعى أن تكون هذه الجلسة انطلاقة لمركز فكري رسمي، أطلقنا عليه "المنتدى المصري للسياسة الخارجية"، يتواصل مع جميع المراكز البحثية الفاعلة في مجال السياسة الخارجية في مصر، ويشكل معها أساساً لدعم اتخاذ القرار وبنائه على الدراسة العلمية، وإشراك أهل الاختصاص على مختلف المستويات، والتواصل مع المجتمع من خلال فعاليات تضم ممثلي النقابات والأحزاب، ومؤسسات المجتمع المدني، ورجال الأعمال، وطلبة الجامعات وغيرهم من فئات المجتمع، التي نرى ضرورة إشراكها في عملية صنع السياسة الخارجية، وتنفيذها بحيث تنسجم الحركة المصرية الخارجية بمختلف مستوياتها، وتوظف فيها الأدوات الرسمية وشبه الرسمية والشعبية بشكل متكامل.

إن مؤسسة الرئاسة إذ تقدم التوجيه السياسي العام وفقاً لرؤية فكرية وسياسية يحملها أفرادها، فإنها تدرك حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها في قيادة مجتمع كامل متعدد التوجهات، وترى في اختلاف الآراء والأفكار إثراء لمشروع تغيير حقيقي تسعى مخلصة في تحقيقه على كافة المستويات بالاستعانة بكافة أبناء الوطن.

ونحن إذ نبادر اليوم، من خلال اجتماعنا هذا، إلى طرح الرؤية الرسمية لمؤسسة الرئاسة على حضراتكم، بهدف المناقشة والتنقيح والإضافة والنقد البناء. ننطلق من إيماننا الراسخ أن المجتمع المصري بكل تنوعاته واتجاهاته أصبح شريكا أساسيا في رسم وتوجيه السياسات العامة في وطننا الحبيب مصر بعد الثورة.. ومن حرصنا الأكيد على أن تخرج الرؤية الرسمية للسياسة الخارجية المصرية في صورتها النهائية مكتملة الأركان، واضحة الاتجاهات، حاملة للهموم الوطنية المصرية، حامية لمصالحها العليا، ومعبرة عن المشترك المتفق عليه من كافة أطياف الشعب المصري العظيم على اختلاف توجهاته وانتماءاته الفكرية والسياسية.

إنني على ثقة أننا جميعا ندرك حجم التحديات الجسام التي تواجهنا في مهمة إعادة بناء مؤسسات الدولة المصرية، بعدما أصابها من تشوهات على مدار عدة عقود مضت، لنرتقي بها إلى مستوى الاحترافية والكفاءة المطلوب لبناء الدولة المصرية الديمقراطية الحديثة التي ننشدها جميعاً، وإنني على ثقة كذلك أننا ندرك وجود الاختلافات والتباينات في الرؤى والأفكار بين عدد من التيارات الموجودة في الحياة السياسية المصرية اليوم، ولكنني في ذات الوقت أؤمن، وأتمنى أن تشاركونني جميعا الرأي، أن حُسن إدارة هذا التنوع والاختلاف يحوله إلى مظهر صحي للحراك السياسي، وإلى مصدر ثراء للحراك المجتمعي، نستطيع بالحكمة وبإعلاء المصلحة العليا للوطن في أثناء هذه المرحلة الفاصلة من تاريخه، أن نستفيد منه وأن نوظفه للصالح العام لبلادنا وشعبنا بإذن الله تعالى وتوفيقه.

ومن هذا المنطلق فإنني على يقين أن مشاركاتكم القيمة سترقى بهذه الرؤية المطروحة على حضراتكم وتصقلها لتصبح جديرة باعتمادها كمنطلق للسياسة الخارجية المصرية الجديدة، الطامحة إلى بناء قدرات مصرية حقيقية، تمكننا من بناء منظومة علاقاتنا الخارجية على أسس ثابتة من الندية والاحترام المتبادل وحماية المصالح الوطنية.

السيدات والسادة.. الحضور الكرام

إننا اليوم نتشارك معا في سن سُنة حميدة، أرجو أن تستمر إن شاء الله، وألا تقتصر على السياسة الخارجية، بل تنتقل إلى القطاعات الأخرى في إدارة السياسات العامة للدولة المصرية، والمتمثلة في الربط الجاد والمثمر بين المؤسسات التنفيذية من جانب، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية ومراكز الفكر والخبرة التي تحمل من العلوم والخبرات ما تحتاجه بلادنا لبناء نهضتها في شتى المجالات.

وفي هذا الإطار نحرص على الاستفادة من كل طرح أو رؤية أو مقترح ينتج عن هذا التوجه، مؤمنين أن توحدنا خلف مصلحة الوطن هو مصدر قوتنا الحقيقي الذي سيعبر بنا إلى أفق مستقبل واعد مجيد ما زال يحلم به ويستحقه هذا الشعب الكريم وأجياله القادمة، رغم كل الصعوبات أو المعوقات التي تواجهنا، والتي سنجتازها حتما، كما أكدت من قبل وأكرر دائما، باستعانتنا وتوكلنا على الله، وببذل كل الجهد في العمل والعطاء والإنتاج، وبالسعي المستمر لتوحيد جهود كافة المخلصين من أبناء هذا الوطن الغالي، الذين نرجو أن نكون منهم وفى طليعتهم بإذن الله.

السيدات والسادة

إنني في ختام حديثي اليوم أكرر لكم الترحيب والشكر على الحضور والمشاركة، وكلي ثقة في حرصكم على الإفادة والاستفادة من هذا الجمع الكريم. بارك الله في جهدكم وجعله سبباً في خير ورفعة هذا الوطن.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،،



[1] الهيئة العامة للاستعلامات