إرشادات مقترحات البحث معلومات خط الزمن الفهارس الخرائط الصور الوثائق الأقسام

مقاتل من الصحراء


 


مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الاستثنائي، دورة "مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، التضامن في العمل"، مكة المكرمة – المملكة ال

مؤتمر القمة الإسلامي الثالث الاستثنائي، دورة "مواجهة تحديات القرن الحادي والعشرين، التضامن في العمل"، مكة المكرمة – المملكة العربية السعودية

المصدر: "منظمة المؤتمر الإسلامي، جدة"

 

بلاغ مكة المكرمة

الصادر عن الدورة الاستثنائية الثالثة لمؤتمر القمة الإسلامي

مكة المكرمة ، المملكة العربية السعودية

 

5 إلى 6 ذو القعدة 1426هـ

7 إلى 8 ديسمبر 2005م

 

بسم الله الرحمن الرحيم

          نحن ملوك ورؤساء وأمراء الدول والحكومات الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي، إذ نجتمع في الدورة الاستثنائية الثالثة للمؤتمر الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة بين 5 و 6 ذي القعدة 1426هـ الموافق 7 – 8 ديسمبر 2005م ، نرفع آيات الحمد لله عز وجل إذ منَّ علينا بأن نجتمع في رحاب هذا البلد الحرام، على ثرى مهد الرسالة الإسلامية، قبلة المسلمين، التي انطلق منها نور الإسلام ليهدي البشرية إلى سبل الخير والسلام، ويرسي دعائم حضارة إسلامية شكلت رافدا هاما من روافد الحضارة الإنسانية.

          وإذا ما كان ظهور الرسالة الإسلامية بمضامينها السامية استهدف إخراج العالم من غياهب الجهل والظلام والاستبداد إلى نور الحق والعدالة وطريق العلم والمعرفة ومبادئ التعايش السلمي، فإننا نجد أنفسنا اليوم في عهد اختلفت فيه المفاهيم، واختلطت القيم، وعم الجهل واستشرت الأمراض والأوبئة، وتفشى الظلم، وتدهورت فيه بيئة الإنسان. وأضحينا أحوج ما نكون فيه إلى منظور جديد للخروج بالأمة – كما شاءت إرادة الله – لكي تكون مصدرا للإشراق والعلم والمعرفة والأخلاق ومنارا للإنسانية.

          إن الحفاظ على هويتنا الإسلامية وقيمنا الأساسية ومصالح الأمة العليا لن يأتي إلا من خلال انتماء المسلمين الصادق إلى الإسلام الحقيقي، والتزامهم الحق بمبادئه وقيمه الأصيلة منهجاً لحياتهم، لكي تنهض الأمة وتمارس دورها الفعّال في خدمة البشرية والحضارة الإنسانية.

          إننا نستشعر ضمير الأمة الذي عبر عنه علماؤها ومفكروها – جزاهم الله عنا خير الجزاء – في لقائهم الذي سبق اجتماع القمة، مدركين للتحديات التي أشاروا إليها على كافة الصُعد السياسية والتنموية والاجتماعية والثقافية والعلمية، وما تتعرض له الأمة من تهديدات داخلية وخارجية، أسهمت في تعميق المأزق الحالي الذي تعيشه وتنعكس على مستقبلها، بل ومستقبل البشرية والحضارة الإنسانية.

          ولابد من التعامل مع هذه التحديات من خلال رؤية استراتيجية تخطط لمستقبل الأمة وتواكب المتغيرات الدولية وتطوراتها، من أجل بلورة رؤية تستشرف آفاق المستقبل، بما يمكن العالم الإسلامي من التعامل مع تحديات القرن الحادي والعشرين بالاستناد إلى إرادة جماعية وعمل إسلامي مشترك.

          وفي هذا الإطار فإنه ينبغي علينا الوقوف وقفة صادقة حازمة مع النفس حول إصلاح شأن الأمة، الذي يبدأ من إصلاح الذات بالاتفاق على كلمة سواء ركيزتها كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، والتصدي بكل حزم لدعاة الفتنة والانحراف والضلالة التي تستهدف تحريف مبادئ الإسلام السامية الداعية إلى المحبة والسلام والوئام والحضارة، إلى أفكار منحرفة تقوم على الجهل والانغلاق والكراهية وسفك الدماء.

          إن أمتنا الإسلامية مطالبة اليوم للاجتماع على الخير مصداقاً لقوله عز وجل (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) الأمر الذي يستوجب من علمائنا وفقهائنا توحيد كلمتهم في فضح انحراف هذه الفئة الضالة وبطلان مزاعمها واتخاذ موقف حازم ضدها.

          وإذ نؤكد في هذا الصدد على أن الإرهاب ظاهرة عالمية لا تقتصر على أي دين أو جنس أولون أو بلد، وعلى عدم وجود أي مبرر أو مسوغ للإرهاب بجميع أشكاله وأنواعه ومصادره، فإننا عازمون – بحول الله تعالى – على تطوير أنظمتنا وقوانيننا الوطنية لتجريم كل ممارسات الإرهاب وتمويلها والتحريض عليها، مطالبين في نفس الوقت بمضاعفة الجهود الدولية وتنسيقها لمواجهة الإرهاب، بما في ذلك إنشاء المركز الدولي لمكافحة الإرهاب، الذي أقره مؤتمر الرياض لمكافحة الإرهاب.

          إن أولوية الإصلاح والتطوير تشكل قناعة تجمع عليها الأمة حكومات وشعوبا، في إطار نابع من داخل مجتمعاتنا الإسلامية، ومتوائم مع مكتسبات الحضارة الإنسانية، ومستلهم لمبادئ الشورى والعدل والمساواة في تحقيق الحكم الرشيد وتوسيع المشاركة السياسية وتكريس سيادة القانون وصيانة حقوق الإنسان وبسط العدالة الاجتماعية والشفافية والمساءلة ومحاربة الفساد وبناء مؤسسات المجتمع.

والحضارة الإسلامية هي جزء لا يتجزأ من الحضارة الإنسانية، تقوم على قيم الحوار والوسطية والعدل والبر والتسامح باعتبارها قيما إنسانية راقية في مقابل التعصب والانغلاق والاستبداد والإقصاء، لذلك فإنه من المهم تعميق هذه القيم السامية في خطابنا الإسلامي داخل مجتمعاتنا وخارجها.

وإذ نؤكد على نبذنا للتطرف والغلو والعنف، فإننا نبدي استيائنا وقلقنا من تنامي ظاهرة (كراهية ومعاداة الإسلام) في العالم باعتبارها شكلاً من أشكال العنصرية والتمييز، وعن العزم على العمل الجاد للتصدي لها بكافة الوسائل المتاحة.

ولما يشكله التعاون الاقتصادي والتكافل الاجتماعي بين الدول الإسلامية من أهمية في تعزيز تضامنها وتعظيم استفادتها من مزايا العولمة وتفادي سلبياتها؛ فإننا نعتبر أهداف محو الأمية واستئصال الأمراض والأوبئة ومكافحة الفقر في الدول الإسلامية أهدافا إستراتيجية ملحة تتطلب حشد كافة الموارد اللازمة لتحقيقها.

 

إن تحقيق الأهداف المتوخاة لن يتأتى إلا من خلال الالتزام بالجدية والمصداقية في العمل الإسلامي المشترك، وللانطلاق من رؤية جديدة للعالم الإسلامي تتعامل مع التحديات الدولية ومتغيراتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بما يحفظ قيم الأمة ومصالحها، فقد تم اعتماد وإقرار خطة العمل العشرية لمواجهة تحديات الأمة الإسلامية في القرن الحادي العشرين.    

وإننا لندعو ربنا أن يهيئ لنا من أمرنا رشدا وفي مسعانا توفيقا وفي حياتنا خيرا.

]وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون[َ صدق الله العظيم.